وأمّا في محل الكلام ، فيما إذا قال المولى («اغسل») فإن المدّعى للميرزا عدم انعقاد دلالة مطابقية أصلا بلحاظ الوجوب ، فضلا عن الملاك ، وذلك لأن الكاشف عن بطلان المدلول المطابقي وهو الوجوب ، يعتبر قرينة متصلة بالخطاب ، وهو داعي البعث والتحريك ، وهذا لا يناسب بداهة ، الأمر الغير اختياري ، فهذه قرينة متصلة على أن الواجب يختص بخصوص الحصة الاختيارية ، فلا ينعقد للخطاب ظهور من أول الأمر ، ولا للمادة إطلاق من أول الأمر بلحاظ المدلول المطابقي حتى يتولد في طول ذلك ، إطلاق ودلالة بلحاظ المدلول الالتزامي وهو الملاك ، وهذا بخلاف مورد المزاحمة ، فإنه في مورد المزاحمة ، القرينة منفصلة ، وهو خطاب («أزل») ، فلا تهدم أصل الدلالة ، ولا تفني أصل الظهور.
فالفرق واضح بين المقامين ، ففي المقام ، الدلالة المطابقية ذاتا ، غير موجودة ، لأن القرينة متصلة ، فتنعدم الدلالة الالتزامية ، وأمّا في المزاحمة ، فالدلالة المطابقية ذاتا موجودة ، ولكنها ساقطة عن الحجية ، وحيث أن الدلالة الالتزامية على مختاره غير تابعة للمطابقية في الحجية ، أمكن التمسك بالدلالة الالتزامية مع سقوط الدلالة المطابقية عن الحجية.
إذن فالصحيح في الجواب ، على ما ذكره الميرزا من التقييد لإطلاق المادة ، أن يقال ، بأنه لا موجب لتقييد إطلاق المادة على ما تقدم منا ، وداعي التحريك يناسب مع الجامع وصرف الوجود بين الحصة الاختيارية والحصة الغير اختيارية. فإشكال الميرزا على إطلاق المادة غير وارد.
والإشكال الثاني على إطلاق المادة ، هو ما ذكره السيد الخوئي ، وهو مبني على مباني الميرزا (١) ، وحاصله.
أنه إذا استحال التقييد ، استحال الإطلاق (٢) ، لأن الإطلاق هو عدم
__________________
(١) فوائد الأصول ـ الكاظمي ج ١ ص ٨٢.
(٢) أجود التقريرات ـ الخوئي ص ١٠٥ هامش ١٠٤.