والنحو الثاني : أن يقال بإرجاع الطلب إلى غير الطلب.
والنحو الثالث : أن يقال بتصور جامع أعلائي بين الطلب وبين ذاك المعنى الآخر الذي هو غير الطلب.
وهذه الأنحاء من التصور ، لتوحيد المعنى للأمر ، نحسبها حسابا تفصيليا وإجماليا.
أما الحساب التفصيلي فهو :
إن النحو الأول
وهو إرجاع غير الطلب إلى الطلب ، هو ما استقربه المحقق الأصفهاني «قده» حيث ذكر (١) بعد أن افترض أن غير الطلب عبارة عن الفعل ، بأن استعمال كلمة الأمر في الفعل مرجعه إلى استعمال كلمة الأمر في الطلب بنحو من الأنحاء ، وذلك لأن الفعل في معرض أن يتعلق به الطلب ، فكما يصح أن يعبّر عن الفعل بمطلب ، وهذا أمر متعارف ، فيقال الصلاة مطلب مهم ، والكتابة مطلب مهم ، فكل فعل يعبّر عنه بمطلب بلحاظ شأنية تعلق الطلب به ، فكذلك يصح أن يعبّر عنه بأمر ، بلحاظ شأنية تعلق الأمر به ، إذن فكلمة الأمر استعملت في معناها حتى في قولنا «الصلاة أمر عظيم وشرب الخمر أمر ذميم» ، إذا استعملت كلمة الأمر في الطلب ، ولكن إنما أطلق الطلب على الصلاة أو على شرب الخمر من باب أنه قابل ذاتا أن يتعلق به الطلب (٢).
وما أفاده «قده» : لا يمكن المساعدة عليه لما ذكرناه ، من أن كلمة الأمر قد تستعمل فيما لا معنى لتعلق الأمر به أصلا ، فنقول مثلا ، شريك الباري أمر مستحيل ، واجتماع النقيضين أمر مستحيل ، فإن قيل أن كلمة الأمر استعملت في الطلب ، وأطلق الطلب على شريك الباري من باب أنه يمكن تعلق الأمر به ، إذن فهذه عنايات لا معنى لها بناء على ـ ما ـ بينّاه ، من أن إطلاق كلمة
__________________
(١) نهاية الدراية ـ الأصفهاني ج ١ ص ١٠٣ ـ ١٠٤.
(٢) المصدر السابق.