تارة ، يكون واجبا بنحو مطلق الوجود ، كما إذا قال «أكرم كلّ عالم» ، ففي مثل ذلك ، لا إشكال في استحالة اجتماع الأمر والنهي ، باعتبار أنّ الأمر المجعول بنحو مطلق الوجود ، يكون انحلاليا لا محالة ، فكل فرد من أفراد المادة يكون موضوعا للأمر والوجوب ، فلو تعلّقت الحرمة ببعض أفراد المادة فيستحيل هنا شمول الوجوب لها ، وذلك ، بسبب التضاد بين الوجوب والحرمة ، وهذا ممّا لا إشكال فيه.
وأمّا إذا فرضنا أن الواجب ، لم يكن بنحو مطلق الوجوب ، بل كان بنحو صرف الوجود الجامع بين الأفراد ، فهنا لا يوجد محذور بحسب الحقيقة من ناحية التضاد ، لأن الوجوب واقف على صرف الوجود ولا يسري منه إلى الأفراد ، فإذا ثبتت الحرمة لفرد من الأفراد ، لا يلزم من ذلك اجتماع الضدين ، وذلك لتعدّد الموضوع ، إذ موضوع الحرمة هو الفرد ، وموضوع الوجوب هو صرف الوجود ، وعليه فلا سريان للوجوب المتعلق بصرف الوجود إلى الأفراد أصلا.
وبناء على هذا ، لا يكون المحذور في عدم اجتماع الأمر والنهي هو المحذور الثبوتي.
إذن يكون محذور اجتماع الأمر والنهي محذورا إثباتيا.
وحاصل هذا المحذور الإثباتي ، هو ، أن الدليل الذي يدل على إيجاب الجامع بنحو صرف الوجود ، يدل بالدلالة الالتزامية العرفية على الترخيص في تطبيق هذا الجامع على تمام أفراده.
وهذا المدلول الالتزامي العرفي لدليل «اغسل» وهو الترخيص في تطبيقه على تمام أفراده يكون منافيا لا محالة مع حرمة بعض أفراده ، فالتنافي بحسب الحقيقة ليس بين دليل الحرمة وبين المدلول المطابقي لدليل «اغسل» ، بل بين دليل الحرمة والمدلول الالتزامي العرفي لدليل «اغسل». وبذلك يسقط إطلاق المادة كما سيأتي توضيحه في بحث اجتماع الأمر والنهي.