أيضا واقعة من الوقائع مع أنه لا يطلق عليه الأمر بنفس اللحاظ الذي يطلق به على الطلب التشريعي ، فهذا كاشف على أن إطلاق كلمة الأمر في موارد الطلب لوحظ فيه الطلب بما هو طلب تشريعي ، لا أن الاستعمال في الواقعة وأن الطلب ملحوظ بما هو مصداق للواقعة.
الأمر الثاني
إن الطلب تارة يلحظ بما هو طلب ، وأخرى يلحظ بما هو واقعة ، فإن لوحظ بما هو طلب ، أمكن أن يتعدّى إلى متعلقه ولو بالباء ، فيقال طلب الصلاة ، من الطلب المتعلق بالصلاة ، فالطلب يتعدى إلى المطلوب وأمّا إذا لوحظ بما هو واقعة ، وبما هو فعل ، فلا يتعدّى إلى الصلاة ، فإنه لا يقال فعل بالصلاة ، ومن الواضح أن الأمر يتعدى إلى متعلقه فيقال الأمر بالصلاة ، فكما أن الطلب ينسب إلى متعلقه فكذلك الأمر ينسب إلى متعلقه ، فيقال أمر بالصلاة ، وهذا كاشف عن أمر الأمر استعمل بمعنى الطلب لا بمعنى الواقعة وإلّا لكان معنى قولنا ، الأمر بالصلاة الواقعة بالصلاة أو الحادثة بالصلاة ، وهذا ممّا لا محصّل له ، فنفس تعدّي الأمر في موارد الاستعمالات الطلبية إلى المتعلق بالباء ، قرينة على أن الملحوظ هو مفهوم الطلب لا مفهوم الحادثة والواقعة ، إذن فهذا النحو الثاني ساقط أيضا.
وأما النحو الثالث
وهو دعوى تصور جامع بين الطلب والواقعة ، فكلمة الأمر لا هي موضوعة للطلب ، ولا هي موضوعة للواقعة ، وإنما هي موضوعة للجامع بين الطلب والواقعة ، والطلب يراد باعتباره مصداقا لذلك الجامع.
وهذا النحو يرد عليه ما أوردناه على النحو السابق ، مضافا إلى عدم تعقّل مثل هذا الجامع ، فإن أريد جامع يكون أوسع انطباقا من كلا الأمرين من الطلب والواقعة من قبيل مفهوم الشيء ، فمن الواضح أن كلمة الأمر ليست أوسع انطباقا من المعنيين ، فكيف يدّعى وضعها للجامع الأوسع انطباقا من قبيل مفهوم