الوجود فيه. فكما أن الآمر الذي يريد أن يأمر بالصلاة إلى القبلة ، يجب عليه أن يأخذ القبلة مفروضة الوجود ، والوقت مفروض الوجود أيضا ، فيقول إذا كانت هناك قبلة ، وكان هناك زوال فصلّ عند الزوال إلى القبلة ، كذلك يجب أن يقول إذا كان هناك أمر فأقصد امتثال الأمر ، وهذا معناه ، أخذ الأمر قيدا في الأمر وأخذه مفروض الوجود في مقام جعل الأمر.
ويلزم من ذلك التهافت في عالم فعلية المجعول وفي عالم الجعل.
أمّا في عالم فعلية المجعول ، فلأننا قلنا بأن كل مجعول ، فعليته تابعة لفعلية موضوعه ، أي لفعلية تلك القيود والمتعلقات الثانوية التي أخذت مفروضة الوجود ، فوجوب الوفاء بالعقد ، فعليته تابع لفعلية العقد ، فهنا أيضا ، يكون فعلية الأمر بالصلاة تابعا لفعلية متعلقاته الثانوية التي منها نفس الأمر ، فيكون فعلية الشيء متوقفا على فعلية نفسه ، وهذا تهافت بحسب عالم الفعلية.
وأمّا في عالم الجعل والإنشاء ، فلأنّ المولى بالنظر التصوري اللحاظي في عالم الجعل ، فهو يرى أن جعله بعد مفروضاته ، لأنه يأخذ المتعلقات الثانوية مفروضة الوجود ، إذن فهو بالنظر الفرضي اللحاظي يرى أن جعله بعد مفروضاته ، وحينئذ ، فإن كان ما يفرض وجوده نفس الأمر ، فكأنه يرى تهافتا أيضا ، حيث يرى كأنّ أمره بعد أمره ، إذن فلا يمكنه أن يشكّل قضية ويقول ، إذا كان أمري موجودا فأمري موجود.
إذ من الواضح ، أن هذا لا معنى له ، إذ لا معنى لتشكيل قضية يكون جزاؤها نفس عين شرطها.
وخلاصة النكتة في بيان المحقق النائيني (١) ، هو التمييز بين المتعلق الأولي والمتعلق الثانوي ، والالتفات إلى نكتة أنّ ما يكون مأخوذ مفروض الوجود وقيدا في الحكم إنما هو متعلق المتعلق لا المتعلق الأولي ، بينما
__________________
(١) محاضرات فياض : ج ٢ ص ١٥٨.