أن ينشئ عقدا حتى يأتي به ، وإنما العرف يفهم من هذا البيان ، أن العقد مقدمة وجوبية لا مقدمة وجودية ، وأن المولى لا يلزم من ليس عنده عقد أن يحدث العقد ، وأنما المولى يريد ممّن أحدث عقدا أن يفي بعقده.
إذن فهذا الاستظهار العرفي بنفسه يكون قرينة على أن العقد قد أخذ مفروض الوجود وقيدا للوجوب لا للواجب ، إذن فيرجع قوله «أوفوا بالعقود» بقرينة هذا الاستظهار العرفي ، إلى قضية شرطية ، وهي أنه إذا وجد لديك عقد فيجب الوفاء به ، هذا هو الملاك الإثباتي.
وأمّا الملاك الثبوتي ، وهو فيما إذا كان متعلق المتعلق أمرا غير اختياري للمكلّف ، حينئذ لا بدّ للمولى من أن يأخذه قيدا في الوجوب ومفروض الوجود في مقام جعل الوجوب ، إذ لو لم يأخذه قيدا في الوجوب ، وجعل الوجوب على الإطلاق ، سواء وجد ذلك القيد الغير اختياري أو لا ، للزم التكليف بغير المقدور ، من قبيل الزوال ، لو قال صلّ عند الزوال ، فالزوال هنا يجب أن يؤخذ قيدا في الوجوب ومفروض الوجود في مقام جعل الحكم ، وذلك لأن الوجوب لو لم يقيّد بالزوال لكان مطلقا وكان معنى هذا صلّ عند الزوال سواء وجد زوال أو لم يوجد زوال ، وهذا معناه ، التكليف بغير المقدور في حال عدم وجود زوال ، وعليه فلا بدّ أن يكون الزوال قيدا في الوجوب لئلّا يلزم فعليّة الوجوب في حال فقدان الزوال ، وبه يلزم التكليف بغير المقدور ، إذن فأخذ القيد مفروض الوجود وقيدا للحكم يتوقف على أحد هذين الملاكين ، إمّا الاستظهار العرفي ، وإمّا لزوم محذور عقلي كالتكليف بغير المقدور إذا لم يأخذه قيدا.
ولكن إذا لم يلزم شيء من هذين المحذورين فحينئذ لا نلتزم بأخذ متعلق المتعلّق قيدا في الحكم ومفروض الوجود في مقام جعل الأمر ، ولهذا في خطاب لا تشرب الخمر ، الخمر هنا متعلق المتعلق ، لكن لا يلزم أخذه مفروض الوجود ، إذ ليس معناه ، أنه إذا وجد خمر فلا تشربه ، وإنما معناه ، حرمة فعلية مطلقة لشرب الخمر سواء وجد خمر أو لم يوجد ، وهذا إنما هو