هو أن بعض المحالات تكون محالا من أي شخص ومن أي فاعل ، من قبيل الجمع بين الضدين ، فإن الجمع بينهما مستحيل من أي فاعل ، سواء كان هذا الفاعل إنسانا عرفيا أو شرعيا ، ذكيا أو غبيا ، فإنه لا يمكنه الجمع بين الضدين.
وهناك بعض المحالات ، محالات تختلف باختلاف أحوال الشخص وخصوصياته ، فمثلا ، العبد المشلول يستحيل للمولى العارف بشلله أن يأمره بالحركة فإن أمره هذا غير معقول ، أمّا المولى الجاهل بشلل عبده ، وإنما يخيّل إليه أنه بتمام الصحة والعافية فيأمر هذا العبد بأن يجلب له الماء وإن كان هذا العبد سوف لن يتحرك لأنه مشلول ، لكن صدور الأمر من المولى وتصدّيه لبعثه وتحريكه أمر معقول.
إذن فاستحالة التصدّي المولوي إلى تحريك المشلول إنما تكون استحالة في مولى يعرف أن عبده مشلول لا في مولى يجهل شلل عبده ويبني على معافاته ، إذن فهذا النحو من الاستحالة ، استحالة مقيّدة تختلف باختلاف أحوال المولى وشئونه.
والآن في محل الكلام ، عند ما نقول ، أن أخذ قصد القربة قيدا في متعلق الأمر هو أمر مستحيل ، نريد أن نعرف ، أن هذه الاستحالة هي من أي أشكال الاستحالة ، هل هي من باب استحالة الجمع بين الضدين ، بحيث أنه لا يمكن صدور هذا الأمر من أيّ مولى كما في جمع الضدين ، أو أنه مستحيل من قبيل تكليف المشلول الذي هو غير مستحيل في حق مولى جاهل بشلل عبده.
وبعبارة واحدة هل أن هذه الاستحالة مطلقة ، أو أنها استحالة مقيّدة؟. وحينئذ لا بدّ أن نراجع البراهين الأربعة المتقدمة التي أقيمت على هذه الاستحالة لنرى هل أنها تبرهن على استحالة مطلقة أو على استحالة مقيّدة ، فإذا رجعنا إلى البرهان الثاني من براهين الاستحالة الذي كان يقوم على لزوم التهافت في لحاظ المولى ، حيث أن قصد القربة يراه المولى في طول الأمر