الاعتراض الثاني على التمسك بالإطلاق.
د ـ الاعتراض الثالث ، وهذا الاعتراض مبني على التنازل عن كلا الاعتراضين السابقين.
فهو لا يقول ، بأن الإطلاق مستحيل كما يقول الأول ، ولا يقول بأنه ضروري كما يقول الثاني ، وإنما يقول ، بأنه ثبوتا بحسب عالم الجعل يمكن للمولى أن يهمل إهمالا في قوة المقيّد وأن يطلق وإن كان لا يمكنه التقييد ، فأمر المولى دائر بين شيئين ، بين المهمل اللحاظي وبين المطلق اللحاظي ، وعليه فالمطلق اللحاظي الذي هو منشأ السريان والشمول ، لا هو مستحيل ولا هو واجب ، بل هو ممكن إلّا أن هذا الإطلاق اللحاظي الممكن بحسب عالم الجعل ، لا يمكن أن نثبته بمقدمات الحكمة في مقام الإثبات ، وذلك لأن مقدمات الحكمة بحسب مقام الإثبات وعلى هذا التقدير مرجعها إلى دلالة عرفية مفادها ، أن عدم التقييد في التخاطب والتكلم ، يدل على الإطلاق في مقام الجعل والثبوت ، إذن حينئذ لا بدّ من الرجوع إلى هذه الدلالة العرفية ، لنرى هل أن الدال على الإطلاق هو عدم التقييد حيث يمكن للمولى أن يقيّد ، أو عدم التقييد في مقام التخاطب ولو لم يمكن للمولى أن يقيّد؟.
فإن قلنا بأن الدال عرفا على الإطلاق ثبوتا هو عدم التقييد التخاطبي ، حيث يمكن للمولى ذلك ، ولا يكون عدم التقييد التخاطبي الناشئ من إكراه المولى ولجم فمه عن حرية التخاطب دالا على الإطلاق ثبوتا وجعلا.
إذن فالكاشف عرفا عن الإطلاق الجعلي ، هو عدم التقييد في مقام التخاطب ، لكن حيث يمكن التخاطب ، وهذا معناه ، أنّ الإطلاق الحكمي الإثباتي أخذ فيه القابلية ، وهذا غير ما إدّعاه الميرزا ، حيث ذكر أن الإطلاق ثبوتا وجعلا أخذ فيه القابلية ولذلك لم نقبله ، وهذا بخلاف ما لو ادّعي أخذ القابلية في الإطلاق بحسب مقام الإثبات ومقدمات الحكمة فيقبل منه ذلك.
ويقال ، إن الإطلاق الثبوتي يكشف عنه كاشف عرفي يسمّى بمقدمات