وفي مثل المقام الثاني ، فإنّ المشهور ، أو على الأقل صاحب الكفاية ومن بعده ، ذهبوا إلى عدم إجمال الخطاب ، ولكننا قد حقّقنا في بحث الظواهر أن احتمال القرينة المتصلة كاحتمال قرينية المتصل كلاهما يوجب الإجمال وعدم انعقاد ظهور للكلام.
وهذا التحقيق نأخذه أصلا موضوعيا ، وحاصل هذه المقدمة ، إن احتمال القرينة المتصلة ، كاحتمال قرينيّة المتصل ، يوجب الإجمال.
المقدمة الثانية
هي ، أنّ القرائن المتصلة التي يحتمل وجودها على قسمين ، فتارة تكون هذه القرائن لفظية ، وأخرى تكون لبية ارتكازية.
فالقرينة اللفظية ، من قبيل كلمة «يرمي» فلو قال المتكلم ، «رأيت أسدا» ولم نعلم أنه هل قال كلمة أخرى وهي «يرمي» مثلا ، أو لم يقل ، فمثل هذا يكون من باب احتمال القرينة المتصلة اللفظية.
وأخرى يفرض أن القرينة المتصلة المحتملة ، ليست لفظية ، بل لبية ارتكازية ، باعتبار إن الارتكازات المتشرعية أو العرفية ، تكون في كثير من الأحيان ، من القرائن التي تحف الكلام ، باعتبار حضورها وانتقاشها في ذهن المتكلم والسامع معا ، ولهذا تعتبر قرينة متصلة ، وحينئذ ، فإذا احتملنا وجود قرينة لبية ارتكازية ، فهذا أيضا ، يوجب الإجمال كما أوجبه احتمال القرينة المتصلة اللفظية.
فإذا اتضح هذا ، نقول : بأنه إذا وردت صيغة «افعل» في رواية من الروايات ، واحتملنا أن هذه الصيغة كانت مكتنفة بقرينة متصلة لفظية توجب صرفها عن الوجوب وحملها على الاستحباب ، فحينئذ هذا الاحتمال ، إذا لم يكن له ناف فإنه يوجب إجمال الكلام وسقوط الظهور في الوجوب ، كما بيّناه في المقدمة الأولى ، فمثلا ، لو وردت صيغة «افعل» في رواية زرارة عن الإمام «ع» ، واحتملنا أن هذه الصيغة كانت محفوفة بكلمة أخرى تدل على