عدم إرادة الوجوب ، فمثل هذا الاحتمال ، إذا لم يكن له ناف فإنه يوجب إجمال الصيغة ، إلّا أن هذا الاحتمال له ناف ، والنافي هو شهادة زرارة نفسه ، بأنه ينقل تمام الواقعة بكل خصائصها الدخيلة في فهم المطلب من اللفظ ، إذ لو كان يوجد كلمة أخرى كان قد قالها الإمام ، لكان قد نقلها زرارة.
فزرارة له شهادتان ، الشهادة الأولى ، وهي أنّ هذا الذي نقلته ، قد صدر من الإمام «ع» ، والشهادة الثانية ، وهي أنّ ما سكت عنه لم يقله الإمام «ع».
إذن بمقتضى هذه الشهادة ، ننفي احتمال القرينة المتصلة اللفظية ، وبهذا ، لا تصل النوبة إلى مرحلة الإجمال.
لكن إذا احتملنا القرينة المتصلة اللبّية ، فحينئذ ، لا نافي لهذا الاحتمال ، لأنّ الراوي ، إنما ينقل الكلام ، وكل ما له دخل في فهم المطلب من اللفظ ، ولا ينقل الملابسات النوعية والارتكازات الكلّية الموجودة في أذهان العقلاء والمتشرعة ، فسكوته عن هذا الارتكاز ، لا يكون شهادة على عدم هذا الارتكاز.
إذن فإحتمال وجود قرينة لبّية ، يبقى بلا دافع له ، وحينئذ ، نصل بصيغة «افعل» إلى الإجمال من جديد بمقتضى المقدمة الأولى والثانية.
إذن نكون قد حصلنا على مطلب كلي ، وهو أنه متى ما ورد أمر من قبل الإمام «ع» ، واحتملنا أن يكون هذا الأمر مقترنا في ذلك العصر بارتكاز نوعي على عدم الوجوب ، بحيث يكون ذلك الارتكاز كالقرينة المتصلة على عدم الوجوب ، حينئذ ، لا يمكن التمسك بظهور الصيغة في الوجوب ، تماما كما لو قال الفقيه لمقلديه ، صلّوا صلاة الليل فإنه لا ينعقد لصيغة «افعل» ظهور في الوجوب ، للارتكاز المتشرعي ، بأنّ صلاة الليل غير واجبة ، كذلك في المقام ، لو احتملنا بأن كلام الإمام «ع» ، كان مكتنفا بملابسات وظروف نوعية ، بحيث تكون هذه الملابسات والارتكازات ، كالقرينة المتصلة على عدم الوجوب ، فلا ينعقد لكلامه ظهور في الواجب.