الإكرام ، وله موضوع ، وهو متعلّق المتعلّق ، أي متعلق الإكرام ، وهو العالم.
وهذا الطلب ، إذا لوحظ بالنسبة إلى الموضوع الذي هو العالم ، فهو يقتضي التكرار وتكثّر الحكم بتكثر العلماء ، فلا يكفي في مقام امتثال هذا الأمر إكرام عالم واحد ، وأمّا إذا لوحظ الطلب بالنسبة إلى المتعلّق الذي هو الإكرام ، فهل يقتضي تعدّد إكرام زيد العالم ، من تقبيل يده ، وزيارته ، وإلقاء السلام عليه ، أو يكفي إكرام واحد من هذه الإكرامات؟.
في هذه الناحية ، الطلب لا يقتضي التكرار ، بل يكتفى بإكرام واحد ، وهذا على طبق الفهم العرفي.
وليس الوجه في تخريج هذا الفهم ، دعوى أنّ الإطلاق ومقدمات الحكمة تجري في المتعلّقات ، بنحو يثبت الإطلاق البدلي ، وتجري في الموضوعات بنحو يثبت الإطلاق الشمولي ، حيث أن مقدمات الحكمة في باب المتعلقات ، تنتج إطلاقا بدليا في قوة قولنا (أكرمه إكراما ، «ما») وفي باب الموضوعات ، تنتج إطلاقا شموليا في قوة قولنا («أكرم كل عالم») ، ليس هذا هو الوجه في التخريج حتى يقال ، أنه كيف اختلفت نتيجة مقدمات الحكمة ، فأعطت «شمولا» بمعنى تعدّد الحكم بلحاظ الموضوع ، «وبدلا» بمعنى عدم تعدده بلحاظ المتعلق.
هذان المطلبان كلاهما أجنبي عن مقدمات الحكمة ، فلا التعدّد بلحاظ الموضوع ، مستفاد من مقدمات الحكمة بل مقدمات الحكمة لها وظيفة واحدة في كلا المطلبين تؤديها على وتيرة واحدة ، وحاصل هذه الوظيفة هي ، أنّ الطبيعة ، قد لوحظت في عالم الجعل بذاتها وبلا قيد آخر ، ومقدمات الحكمة تثبت خلوّ الطبيعة من أيّ قيد في عالم الجعل والتشريع ، وهذا ثابت بالنسبة إلى طبيعة «الإكرام» باعتباره متعلقا ، وبالنسبة إلى طبيعة «عالم» باعتباره موضوعا ، وهذه الوظيفة ثابتة لمقدمات الحكمة لا تتجاوزها ، إذ لو كان هنا قيد لبيّن ، وحيث لم يبيّن ، لم يؤخذ ، بمقتضى أصالة التطابق بين مقام الثبوت ومقام الإثبات.