إذن يثبت بمقدمات الحكمة ، أن الوجوب ثابت على طبيعة «الإكرام» متعلّقا ، وعلى طبيعة «العالم» موضوعا ، وأمّا الانحلال والتعدد في جانب الموضوع ، وعدمه في جانب المتعلق ، يستفاد ببيان ، وحاصله.
أن الوجوب المجعول في المقام ، له معروض بالذات مقوّم له في أفق نفس الجعل ، ومعروضه هذا ، هو «الإكرام» متعلّقا «والعالم» موضوعا ، بمعنى أن «الإكرام» و «العالم» صورتان ذهنيتان مقوّمتان للوجوب في عالم الجعل ، وعند ما نلاحظ عالم الجعل وصوره الذهنية ، لا نجد فيه تعددا أصلا ، إذ ليس هناك إلّا جعل واحد ، إذن ليس هناك إلّا وجوب واحد بلحاظ المتعلق ، أو بلحاظ الموضوع.
ومن الواضح ، أنّ الصور الذهنية المقوّمة للجعل في أفق الجعل ، إنّما أخذت من قبل المولى ، بما هي فانية ومرآة للوجود الخارجي ، وحينئذ ، ننتقل إلى ما يتم فيه الفناء ، أي إلى ما هو معروض بالعرض ، فنأخذ الموضوع وهو «العالم» فنرى أنّ صورة «العالم» لم تؤخذ بما هي صورة ذهنية ، بل بما هي مرآة للوجود الخارجي ، ومن هنا يصح تطبيقها على الوجود الخارجي ، وعند تطبيقها لا بدّ وأن يطبّق بتبعها محمولها وهو الوجوب ، لأنّه تابع لها ، وعالم التطبيق هذا ، نسميه بعالم فعليّة المجعول ، ومن الواضح أن «العالم» له وجود متعدّد في المرحلة السابقة على طلب «الإكرام» ، وكلّما طبقنا صورة «العالم» على «زيد» تارة ، وبكر أخرى ، وخالد ثالثة ، يتبعها حكمها ، لأنّ الحكم ثبت لطبيعة «العالم» فيسري إلى الأفراد ، لأنّ الطبيعة فانية ومرآة للخارج.
ومن هنا ينشأ أحكام متعددة ، وهذه الأحكام انحلالية بحسب الحقيقة ، بمعنى أنه في عالم الجعل ، لم يكن إلّا جعل وحكم واحد ، لكن عند إضافة هذا الحكم بتبع موضوعه الواحد إلى الوجود الخارجي يتكثّر الحكم إلى أحكام متعددة بتعدد أفراد الطبيعة للموضوع.
وأمّا إذا أخذنا المتعلق ، فإنّ الإكرام ، وإن كان قد وقع متعلّقا للوجوب