الأمر الخامس :
هو أنه إذا كان مقتضى القاعدة المنضبطة ، التعدد بالنسبة إلى الموضوع وعدم التعدد بالنسبة إلى المتعلق ، فإن هذا لا يجري في كل موضوع وفي كل متعلق كيفما اتفق ، بل ما يكون موضوعا للقضية فإن متعلق المتعلق قد لا يكون موضوعا للقضية.
فإذا قال ، أكرم العالم في المسجد ، فهنا متعلق ، وهو «الإكرام» ، وموضوع ، وهو «العالم» ، وشيء ثالث وهو المسجد ، ونسمّيه أيضا بمتعلق المتعلّق ، باعتبار أن «الإكرام» ، له نحو تعلق بالمسجد.
وما ذكرناه ، بأنّ مقتضى القاعدة ، هو التعدّد في طرف متعلّق المتعلق ، أي «الموضوع» ، نريد بالموضوع ما كان من قبيل «العالم» لا ما كان من قبيل «المسجد» من المتعلقات والملابسات ، ولهذا لو قال ، «اغسل بالماء» فإنه لا يستفاد من ذلك وجوب الغسل بكل ماء ، كما يستفاد الانحلال على كل «عالم» في قوله ، «أكرم العالم» فالماء والعالم وإن كان كل منهما متعلقا للمتعلق لكن رغم هذا ، الانحلال في العالم يتعدّد ، دون الماء وأفراده.
ونكتة الفرق بينهما ، تتضح ممّا تقدم من الفرق بين الموضوعات والمتعلقات ، إذ ذكرنا إنّ القضية بلحاظ الموضوع ، تنحل إلى قضية شرطية يؤخذ فيها الموضوع شرطا ومقدّر الوجود ومفروغا عنه ، ولهذا لا يستفاد من خطاب «أكرم العالم» ، أنه لو لم يوجد عالم ، فيجب خلقه وإيجاده وبالتالي إكرامه ، لأن هذا الخطاب ، مفاده عرفا قضية شرطية ، أخذ فيها «العالم» مفروغا عنه ، وهذا هو الذي أوجب تعدّد الحكم بتعدد «العالم» ، لأنّ الجزاء في فعليته تابع لفعلية الشرط ، فإذا وجد للشرط فعليّات متعددة في الخارج ، فلا محالة يكون الجزاء تابعا له ومتكثرا أيضا.
وهذه النكتة إنما تأتي في الموضوع الحقيقي للقضية الحملية ، من قبيل «العالم» في «أكرم العالم» ، لا من قبيل الماء في «اغسل بالماء» لأنه لا يفهم