الجهة الثانية :
تقدّم أنه لا دلالة لنفس الخطاب (صلّ) على الفور ولكن لا بدّ من البحث عن دلالة عامة في الشرع تدل على الفور إلّا ما خرج بدليل وقد استدل بالآيتين الكريمتين (وَسارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ).
بدعوى الأمر بالمسارعة والاستباق ، ومن الواضح ، أن الإتيان بالمأمور به في أول وقته ، هو مصداق للمسارعة والاستباق ، فيكون ذلك واجبا. وقد يناقش الاستدلال بالآيتين على وجوب الفور بوجوه.
الوجه الأول : هو إن الأمر في الآيتين ، لو كان مولويا ، لكان مقتضى القاعدة هو الوجوب ، لكنه إرشادي كبقية الأوامر الإرشادية الواردة بأصل الطاعة ، (أَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ) ، فكما أنّ هذه الأوامر إرشادية ، كذلك الأمر فيهما إرشادي ، باعتبار أن مورد هذا الأمر مما يستقل العقل بحسنه ، إذ يحكم بحسن المسارعة والاستباق لتحقيق رغبات المولى ، وعليه يكون هذا الأمر صادرا للتنبيه على ما استقل العقل به وحكم بحسنه الذاتي ، ومعه لا يكون الأمر مثبتا لحكم شرعي إلزامي.
وهذا الوجه لا يمكن المساعدة عليه لعدة أمور.
أولا : لإمكان منع استقلال العقل بحسن ذلك ، في فرض تكون نسبة الأفراد الطولية جميعا إلى غرض المولى على حد واحد ، بحيث لا يكون الفرد الأول محصلا لمرتبة من الغرض أكبر من المرتبة التي يحصلها الفرد الطولي المتأخر ، ففي مثل ذلك ، لا يحكم العقل بحسن الفورية والإسراع بما هو إسراع.
نعم قد ينطبق عليه عنوان ثانوي يكون به حسنا ، من قبيل الاحتياط ، كأن يحتمل المكلّف العجز إذا لم يأت بالفرد الواجب ، أو يبتلي بالمزاحمات ، فيسرع لتنفيذ رغبات المولى قبل الابتلاء ، وأمّا بقطع النظر عن هذه العناوين الثانوية ، لو لوحظ الإسراع بما هو هو ، مع أنّ نسبة الأمرين إلى المولى على