لو لم يصلّ فورا ، فصلاته أيضا صحيحة وتقع خيرا ، ولكن يفوته واجب آخر ، وهو واجب الفورية ، وهذا ليس منافيا لظاهر الخطاب.
اللهم إلّا أن يقال ، إنّ نظر العراقي إلى أن ظاهر الخطاب ، هو مجموع ما أمر به ، الشارع وهذا يعني أنّ مجموع ما أمر به بالإمكان أن يسارع فيه وأن يتراخى فيه ، فلو فرض أنّ نفس الإسراع ممّا أمر به الشارع ، إذن فيختل هذا الميزان لأنه يصبح ما أمر به مما لا يمكن المسارعة فيه ، ولكنّ هذا التكلّف غير صحيح ، إذ لا بدّ من فرض عدم نظر الآية إلى نفس الخير المجعول فيها ، فإنها ناظرة إلى الخيرات المجعولة من غير قبل نفسها وإلّا لوقع الإشكال على كل حال ، سواء كان هذا الخير وجوبيا ، أو استحبابيا ، إذن فهذا الوجه لا يرجع إلى محصّل.
الوجه الرابع : إنّ آية الاستباق ، ليست ظاهرة بالإلزام بالفورية ، لنكتة مادة الاستباق فإن الاستباق ليس بمعنى الإسراع ، بل بمعنى التسابق بين الأشخاص أنفسهم ، من قبيل ، وفي مثل هذا فليتنافس المتنافسون ، بمعنى أنّ القرآن الكريم يجعل تنافسا بين المؤمنين ليتسابقوا في إحراز أكبر قدر ممكن من الخيرات كما وكيفا وزمانا.
ومن الواضح أن هذه المسابقة العامة ، ليست إلّا مجرد ترغيب في الإكثار من فعل الطاعات ، والتقليل من الشرور ، وإلّا ليس هناك وجوب شرعي متعلق بعنوان المسابقة ، بحيث أنّ هذا يسبق ذاك ، وإلّا لا يكون ذلك قابلا للاستباق فيما لو صلّى الجميع في أول الوقت لأنه لم يسبق أحد أحدا.
فمادة الاستباق بنفسها قرينة عرفية على أنّ الأمر أمر تشريعي ، وليس إلزاما شرعيا ، وإن توهم بأنّ الاستباق بمعنى الإسراع ، وإلّا فمعنى الاستباق المسابقة بين الأفراد أنفسهم. فهذه الآية لا تفيد المدّعى.
وأمّا آية المسارعة ، فهي إذا لم يستظهر من سياقها الإسراع التشريعي ، فلا بأس إذن من الالتزام بالوجوب ، وذلك بأن يقال ، بأنّ وجوب الإسراع إلى