المغفرة معناه ، أن كل من عليه ذنب ، يجب عليه في أسرع وقت ، أن يحصل على مغفرة الله تعالى ، باعتبارها هي المحصّل الحقّاني المضمون ومن هنا قلنا بأن وجوب التوبة فوري وإن كان هناك محصلات أخرى للمغفرة ، لكن التوبة هي المحصّل العام للمغفرة فإذا أمكن أن يرجع عن ذنوبه ويعتمد ألّا يعود فقد حصلت المغفرة ، وإذا لم تتح له الفرصة وقام الدليل على شيء آخر يوجب المغفرة ، فيجب عليه الإتيان به.
فمحصل هذه الآية هو الوجوب الفوري للمغفرة ، أمّا بالتوبة أو ببدلها ، وهذا خارج عن محل الكلام ، فالآيتان لا تدلان على وجوب الفورية.
الجهة الثالثة :
وهي أنه لو قيل بدلالة الأمر على الفورية بأحد الوجوه المتقدمة ، يثبت لزوم الإتيان بالمادة فورا ، فإذا أتى المكلف بالمادة فورا فقد حصل الامتثال ، وأمّا إذا لم يأت بها فورا ، فهل يسقط الأمر رأسا بحيث لا يجب عليه بعد ذلك شيء أو أنه يبقى أصل الأمر بلا فورية ، أو يبقى الأمر مع الفورية ، بحيث كلّما تأخر في الامتثال بقي الخطاب يستدعيه فورا ففورا؟. احتمالات ثلاث ممكنة ثبوتا. ودليل الفورية ، هل يقتضي أحد هذه الاحتمالات أو أنه مجمل فيرجع إلى الأصول العملية؟.
والتحقيق ، أنه إذا كان مدرك الفورية هو دعوى أخذها قيدا في مدلول المادة ، بحيث أن قوله صلّ يرجع إلى قوله صلّ فورا فلا إشكال أن المتعين هو الاحتمال الأول والوجه في ذلك هو أن مفاد الهيئة طلب واحد أخذت الفورية قيدا في متعلقه ، بحيث أن نسبة الطلب إلى الفعل والفورية نسبة الوجوب إلى أجزاء متعلقه لا نسبة الوجوب إلى أفراد متعلقه ، إذن فيوجد واجب واحد مركب من الفعل والفورية ، والمفروض عدم الإتيان به خارجا ، وليس في الهيئة ما يقتضي إنشاء طلب آخر على طبيعي الفعل ، فيسقط الأمر رأسا.
وأما إذا كان مدرك الفورية ، هو البيان المتقدم في الجهة الأولى ، وهو