أنّ الصيغة باعتبارها تحريكا تشريعيا يوازي التحريك التكويني ، فخواصه تنعكس على الصيغة ، ومن جملتها الفورية ، إذن فالمتعيّن ، الاحتمال الثالث ، وهو أنه إذا لم يأت فورا ، يبقى الأمر يستدعيه فورا ففورا ، لأن هذا هو مقتضى الموازنة بين الدفعين فإن التحريك التكويني إذا لم يؤثر أثره واستمر التحريك ، فلا محالة يستدعي بقاء الفورية فورا ففورا ، ولكن التحريك التكويني قد يتوقف برفع اليد عن المحرّك.
ومعنى هذا أنه إذا لم نستفد بالقرائن المكتنفة للخطاب بقاء الطلب أصلا واحتملنا سقوطه فالمتعين الاحتمال الأول.
نعم يمكن أن نثبت بقاء التحريك التشريعي بمقتضى إطلاق المادة ، حيث لا موجب لتقييدها ، فإذا أثبتنا التحريك التشريعي ، تبعه لوازمه من السرعة في التحريك فيتعين الاحتمال الثالث.
وأمّا إذا كان مدرك الفورية هو آية المسارعة والاستباق ، فلا إشكال في سقوط الاحتمال الأول ، وذلك لأن الفورية هنا لم تؤخذ قيدا في الأمر الأول ، وإنما أمر بها بأمر آخر ، وهذا الدليل الآخر ليس لسانه لسان الشرطية ، بل لسان جعل مستقل ، فيتحصل من خطاب («صلّ») مع خطاب «سارعوا واستبقوا» وجوبان أولهما وجوب الصلاة ، وثانيهما وجوب الفورية ، فإذا لم يأت بالصلاة فورا ، سقط الوجوب الثاني دون أصل وجوب الصلاة ، وإذا سقط الاحتمال الأول ، يدور الأمر بين الاحتمال الثاني والثالث ، وحينئذ يرجع إلى دليل الفورية المفترض وهو الآيتان وتوضيحه :
إنّ الإسراع إلى الخير ، هل ينحصر مصداقه بخصوص المبادرة المطلقة التي تتحقق بإيجاد الصلاة في أول وقتها؟.
أو أنّ الإسراع إلى الخير يتحقق بالمبادرة ، بمعنى الإتيان بفرد كان بالإمكان أن يستبدل بما بعده ، فكل من أتى بفرد وكان يمكن أن يتأخر مقدارا «ما» ، فقد سارع ، بحيث لو أتى بالفعل قبل انتهاء الوقت بساعة ، فيصدق عليه