وفي مثل ذلك يقال ، بأن دليل الأمر الواقعي بالصلاة الاختيارية ، هل له بنفسه إطلاق يشمل مثل هذا المكلف المعذور في أول الوقت والذي ارتفع عذره فيما بعد ، فهو قادر على الصلاة القيامية ، فيكون مشمولا لهذا الإطلاق؟.
أو أن دليل الأمر الواقعي ليس له إطلاق يشمل مثل هذا المكلف ، ولو لأن الدليل لبّي كالإجماع الذي ليس له إطلاق يتمسك به؟. فإن مضمون الغرض الأول ، وهو أن دليل الأمر الواقعي له إطلاق شامل لهذا المكلّف فهو يقتضي وجوب الإعادة وعدم الإجزاء ، فلا بد لرفع اليد عن هذا الاقتضاء لوجوب الإعادة من دعوى كون دليل الأمر الاضطراري مقيّدا لدليل الأمر الواقعي ، وتقييد الأمر الاضطراري للأمر الواقعي يمكن أن يبيّن بوجوه.
الوجه الأول لتقييد الأمر الواقعي بالأمر الاضطراري
هو أن دليل الأمر الاضطراري يدل بالدلالة الالتزامية العقلية على الإجزاء ، والإجزاء يقتضي عدم وجوب الإعادة وهدم إطلاق دليل الأمر الواقعي ، وبيان هذه الدلالة ، هو أن دليل الأمر الاضطراري بالصلاة الجلوسية يكشف حتميا عن أنها واجدة لملاك الواقع بإحدى الصور الأربعة المتقدمة في مقام الثبوت ، وقد عرفت أن ثلاثة منها تقتضي الإجزاء ، وأن الصورة الرابعة يحكم فيها بعدمه ، وفي هذه الصورة قد يدّعى بأن الأمر الاضطراري لا يجتمع عقلا مع هذه الصورة ، وبعد نفي هذه الصورة ينحصر المطلب في صور الإجزاء الثلاثة ، وإذا ثبت الإجزاء تقيّد إطلاق دليل الأمر الواقعي.
وتوضيح نفي الصورة الرابعة هو ، أنه لو كان الفعل الاضطراري وافيا بتمام ملاك الواقع أو بجلّه ، إذن فيعقل في المقام جعل أمر تخييري بحق المكلّف الذي سوف يرتفع عذره في الوقت بين الصلاة الجلوسية في أول الوقت والصلاة القيامية في آخره ، فيكون المكلف مخاطبا بإحدى الصلاتين ، وهذا هو معنى الأمر الاضطراري ، وهو معقول.