وأمّا في الصورة الرابعة ، فإن فرض أن المولى أمر بالصلاة القيامية تعينيا فقط فهذا هو المطلوب ، ولكن هذا معناه أنه لا يوجد أمر اضطراري بل أمر اختياري ، وإن أمر بالصلاة الجلوسية تعينيا فقط ، فهو غير معقول ، إذ لا يجب على هذا المكلف الصلاة الجلوسية تعينيا ، حيث بإمكانه الانتظار إلى آخر الوقت ويصلي من قيام ، ولكن هل يؤمر تخييريا بين المتباينين ، أي بين الصلاة الجلوسية في أول الوقت والصلاة القيامية في آخره؟. وهذا خلف ، لأن الصلاة الجلوسية بحسب الفرض لا تفي بتمام غرض الواقع ، إذ يبقى منه بقية مهمة قابلة للاستيفاء ، وأيضا هل يأمر المولى تخييريا بين الأقل والأكثر؟. وهو غير معقول ، لأن مرجع التخيير بين الأقل والأكثر إلى الإلزام بالأقل ، والترخيص بالزائد ، فلا أمر تخييري على كل حال.
وبهذا البرهان ، يظهر أن الصورة الرابعة لا تناسب الأمر الاضطراري بل ما يناسبه ، صور الإجزاء الثلاثة ، وبذلك يثبت عدم وجوب الإعادة ، ويقيّد إطلاق دليل الأمر الواقعي.
هذا حاصل ما أفادته مدرسة المحقق النائيني في الإجزاء (١) ، ولهذا بنى الميرزا والسيد الخوئي (٢) على أن دليل الأمر الاضطراري يقتضي الإجزاء عن الواقع بهذا البيان. ولنا على هذا تعليقان :
أ ـ التعليق الأول : نعلق به على الشق الأخير ، وهو الأمر التخييري بين الأقل والأكثر ، وذلك بأن يكون أحد عدليه ، الصلاة القيامية ، والآخر الصلاة القيامية مع الصلاة الجلوسية ، وهذا مستحيل ، لأنه يرجع إلى الإلزام بالأقل مع إباحة الزائد ، بينما نلاحظ أن السيد الخوئي في بحث المطلق والمقيّد بنى على إمكان مثل هذا التخيير بين الأقل والأكثر ، فمثلا لو ورد خطاب «أعتق رقبة ، وأعتق رقبة مؤمنة» قالوا ، بأن خطاب أعتق رقبة يتصور فيه ثبوتا احتمالان.
__________________
(١) فوائد الأصول : الكاظمي ج ٢ ص ١٣٧ ـ ١٣٨.
(٢) محاضرات فياض ج ٢ ص ٢٣٦ ـ ٢٣٧.