حتى لو كان قد صلى قبل ارتفاع عذره ، إذن فيتعارضان ، فإن فرض أن أحدهما أظهر من الآخر كما هو الغالب في الإطلاق المقامي ولو بنكتة تضييق دائرته ، جمع بينهما بتقييد الإطلاق الأضعف بالإطلاق الأظهر ، وإلّا فيتساقطان ، ويرجع إلى الأصول العملية ، والنتيجة تقتضي الإجزاء وعدم الإعادة.
الوجه الثالث لتقييد الأمر الواقعي بالأمر الاضطراري :
وحاصله ، أن لسان دليل الاضطرار لسان جعل البدل والوجود التنزيلي للواقع ، وقد يكون هذا اللسان لفظيا ، من قبيل «التراب أحد الطهورين» ، كما قد يكون مقاميا مقتنصا ، مثل الأمر بالصلاة العذرية ، فيقتنص منه الوجود التنزيلي والجعل البدلي للوظيفة الواقعية.
وفي كل مورد استفيد هذا اللسان من دليل الاضطرار ، يقال أن هذا الوجود البدلي للوظيفة الاختيارية ، هل هو وجود بدلي لتمام الوظيفة الفعلية ولتمام الغرض ، أو هو وجود بدلي لبعض مراتب غرض المولى؟. وعند الشك في ذلك فإن مقتضى إطلاق البدلية والتنزيل أنه تنزيل لتمام مراتب المبدل ، وإذا ثبت هذا يثبت الإجزاء.
وفارق هذا البيان عن البيان الأول ، هو أنه لا يرد هنا إشكال التعارض بين إطلاق دليل الواقع وإطلاق دليل الاضطرار كما ورد على البيان الأول ، ففيه أن كلا من الإطلاقين ليس ناظرا إلى الآخر ، إذ كان أحدهما ناظرا إلى تشخيص الوظيفة الفعلية وكان دليل الأخر ناظرا إلى تشخيص الوظيفة الفعلية بالقيامية ، فيتساقطان إن لم يوجد مرجّح من مرجحات التعارض ، أمّا في البيان الثاني للإطلاق وإن اقتضى دليل الواقع ثبوت الصلاة الاختيارية وأنها ذات مصلحة غير مستوفاة ، لكن يقدّم دليل الاضطرار لأن لسانه لسان جعل البدلية والتنزيل للوظيفة الاختيارية ، وحينئذ يكون ناظرا وحاكما على دليل الواقع فيقدم عليه بالحاكمية ولا يصلح دليل الواقع للمعارضة مع الاضطرار.