وهذا البيان غير صحيح ، فإن خطاب «صل قائما» ، شامل لمن كان مريضا في أول الوقت فصلّى من جلوس ثم عوفي ولغيره ، فإن لهذا الخطاب دلالتين ، فهو يدل على أصل دخل القيام في المطلوب وليكن ذلك بالوضع ، ويدل على أن دخل القيام في المطلوب لا يختص بحال دون حال فكما يكون في حق المختار يكون في حق المريض وإطلاق الدخل هذا إنما هو بمقدمات الحكمة ، وما هو طرف المعارضة مع دليل الاضطرار ليس هو أصل دخل القيام في المصلحة ، بل هو إطلاق الدخل في دليل الواقع الثابت بالحكمة وليس بالوضع ، ولذا لو فرض أن قال «صلّ قائما أن كنت صحيحا» لا يلزم منه التجوّز ورفع اليد عن الظهور الوضعي ، بل يلزم التقييد.
إذن فطرف المعارضة في دليل الواقع ، كالإجزاء في دليل الاضطرار ، ثابت بمقدمات الحكمة.
البيان الثاني : دعوى حاكميّة دليل الواقع على دليل الاضطرار ، وذلك لأن دلالة الواقع على دخل قيد القيام في المصلحة على الإطلاق ، وهذا معناه اقتضاء وجوب حفظ القدرة على القيام والمنع عن التعجيز والاضطرار الذي هو موضوع الأمر الاضطراري ، وبذلك يكون دليل الواقع رافعا للاضطرار ، فيكون حاكما على دليله.
ولكن الميزان في الحاكمية ، هو أن يكون أحد الدليلين رافعا لموضوع الآخر في عالم الجعل ، لا ناهيا عن إيقاعه خارجا ، فمثلا دليل «لا ربا بين الوالد وولده» ، حاكم على دليل حرمة الربا ، لأنه ينفي عنوان الربا في عالم الجعل والتشريع عن هذه المعاملة ، ففرق بين أن يكون أحد الدليلين نافيا لموضوع الآخر نفيا تشريعيا في عالم الجعل فينتقي محموله تبعا لموضوعه ، وبين أن يكون ناهيا عن موضوعه ، فلو وجد هذا الموضوع ولو عصيانا فلا حاكمية.
وفي المقام لو سلّمت هذه الدلالات في دليل الأمر الواقعي ، فغاية ما