يدل عليه ، حرمة إيقاع الإنسان نفسه في الاضطرار ولا ربط له بالحكومة.
الوجه الرابع للإجزاء ، بتقييد الأمر الواقعي بالأمر الاضطراري :
وهو ما بنى عليه المحقق العراقي (١) لاستفادة الإجزاء من دليل الأمر الاضطرار وحاصله : إن مقتضى دليل «صلّ جالسا» ، أن الأمر بالصلاة الجلوسية أمر تعييني لا تخييري وفقا لما يقتضيه إطلاق الصيغة ، وتعيينية هذا الأمر لا تناسب إلّا مع فرضية واحدة من ثلاث فرضيات هي (٢) :
أ ـ الفرضية الأولى : أن يكون هناك ملاك واحد ، وهو كما يستوفى بتمامه بالصلاة القيامية ، كذلك بالصلاة الجلوسية ، ومقتضى هذه الفرضية ، هو الحكم بالإجزاء بمناط الاستيفاء لا التفويت ، وهي لا تناسب الأمر التعيني بالصلاة الجلوسية ، لأنها متى ما صدقت ، تعلّق الأمر بالجامع بين الصلاتين ، فيكون الأمر تخييريا. وهذا معناه ، أن ظهور الأمر في التعييني ينفي هذه الفرضية.
ب ـ الفرضية الثانية : أن يكون هناك ملاكان ، أحدهما قائم بالجامع بين الصلاتين ، والثاني خاص بالقيامية ويمكن استيفاؤه حتى بعد الإتيان بالاضطرارية لأنها إنما تفي بالملاك الأول فيستوفى الملاك الثاني بالقيامية.
وهذه الفرضية تستبطن عدم الإجزاء ، لأن الصلاة الاضطرارية تفي بالملاك الأول ، وأما الثاني فلم يستوفى ، والمفروض إمكان استيفائه ، فلا بدّ من إعادة الصلاة.
وهذه الفرضية أيضا لا تناسب الأمر التعييني بالصلاة الجلوسية ، لأنه إنما كان بلحاظ الملاك الأول القائم بالجامع ، فيرجع الأمر إلى التخيير لنشوئه من ملاك تخييري.
__________________
(١) مقالات الأصول : العراقي ج ١ ص ٨٧.
(٢) بدائع الأفكار : الآملي ج ١ ص ٢٦٧ ـ ٢٦٨.