لكن إذا فرضنا أن دليل الأمر الاضطراري لم يكن بلسان ـ يقتضي جواز البدار ليترتب عليه ما تقدم ، وإنما كان بلسان من تعذّر عليه القيام في تمام الوقت أو مأمور بالصلاة من جلوس فلا معنى للبدار ، حينئذ في مثل ذلك ، لا يمكن أن يستفاد عدم وجوب القضاء بلحاظ عدم وجوب الإعادة ، إذ متى استفيد من الدليل عدم وجوب الإعادة فلا بدّ من صرف عنان الكلام إليه فيقال ، هل أن هذا الدليل يستفاد منه عدم وجوب القضاء أو لا يستفاد منه ذلك ، وفي هذا المقام نرجع إلى الوجوه الخمسة التي استعرضناها والتي استدل بها على اقتضاء الأمر الاضطراري لعدم وجوب الإعادة لنرى هل يمكن أن تجري هذه الوجوه بلحاظ عدم وجوب القضاء أو لا يمكن ، بل حتى لو تمّت هذه الوجوه لنفي وجوب الإعادة فهل تتم لنفي وجوب القضاء؟.
الوجه الأول ، من الوجوه الخمسة كما صوّره الميرزا (١) كان مفاده ، دعوى الملازمة العقلية بين جعل الأمر الاضطراري بلسان جواز البدار وبين الإجزاء ، وعليه فلا معنى لوجوب الإعادة ، وحينئذ هل يمكن دعوى هذه الملازمة بلحاظ مقام عدم وجوب القضاء؟. بحيث يقال بأن جعل الأمر الاضطراري بلسان جواز البدار بالنسبة لمن تعذّر عليه القيام في تمام الوقت يستلزم عقلا عدم وجوب القضاء وذلك ببرهان أن القيام لو كان داخلا في ملاك الصلاة الأدائية على الإطلاق ، للزم منه عدم الأمر بالاضطراري أي بالصلاة الجلوسية ، والمفروض أن المولى أمره بالصلاة الجلوسية ـ أي بالأمر الاضطراري إذ مفروض الكلام بعد فرض أمر اضطراري ، إذن فإحتمال كون القيام دخيلا في ملاك الصلاة الأدائية على الإطلاق ساقط للتناقض بين الأمر الاضطراري وعدم الإجزاء ولا يبقى إلّا احتمال كون القيام دخيلا في ملاك الصلاة الأدائية لا مطلقا ، بل في حالة التمكن من القيام خاصة ، وهذا يتناسب مع الأمر الاضطراري ، ولهذا يأمره المولى اضطرارا بالجلوسية. وبهذا الأمر
__________________
(١) أجود التقريرات : الخوئي ج ١ ص ١٩٥ ـ ١٩٦.