وبها تظهر نحو أولوية عكسية في المسألة.
هذا كله لو بني على المبنى الأول ، أي على أن القضاء بالأمر الأول.
وأمّا إذا بنينا على أن القضاء بالأمر الثاني ، بمعنى أنه بعد انتهاء الوقت يحصل عنوان الفوت ، وهذا العنوان يكون موضوعا لحدوث وجوب جديد ، وهو وجوب القضاء.
لو بنينا على هذا لجرت البراءة أيضا لكن لا يكون المقام من الدوران بين التعيين والتخيير ، بل يكون شكا بدويا في أصل التفويت لأنه يشك في أصل وجوب القضاء وعدم وجوبه فتجري البراءة حتى عند من لا يرى البراءة عند دوران الأمر بين التعيين والتخيير.
وعلى هذا التقدير يمكن أن تظهر حيثيتان لأولوية البراءة هنا على البراءة في المسألة السابقة.
الحيثية الأولى : هي أن الشك في المقام يكون شكا في أصل التكليف وبنحو الشبهة البدوية على كل حال ، بينما في المسألة السابقة يكون على بعض المباني من باب دوران الأمر بين التعيين والتخيير.
وعلى بعض المباني يكون من باب الأقل والأكثر الارتباطيين ، بينما هنا على كل حال هو شبهة بدوية محضة فيكون جريان البراءة فيه أوضح من جريان البراءة هناك.
الحيثية الثانية للأولوية ، هي أنه هناك كنّا نتعرض لإشكال على جريان البراءة على أساس حاكمية الاستصحاب التعليقي على البراءة حيث كان يقال ، بأن المكلف لو تمكن من القيام قبل أن يصلي من جلوس لوجبت عليه الصلاة القيامية فنستصحب هذه القضية الشرطية ، وهذا الاستصحاب كان قد يرد هناك بقطع النظر عن جوابنا عليه هناك ، إلا أنه هنا لا يرد ، وذلك لأننا نقول أنه لو كان قد انتهى الوقت قبل أن يصلي من جلوس لوجب عليه القضاء ، هذا الاستصحاب في المقام غير صحيح حتى لو صحّ ذاك الاستصحاب التعليقي وذلك لأن وجوب القضاء موضوعه عنوان الفوت لا