ذكره في وجه الإجزاء هو أن دليل الحكم الظاهري تارة يكون لسانه لسان جعل الطهارة أو الحليّة ابتداء كما هو الحال في «كل شيء طاهر حتى تعلم أنه قذر» ، «وكل شيء حلال حتى تعلم أنه حرام» ، وتارة أخرى لا يكون لسانه لسان جعل الحلية والطهارة بل لسان إحراز الطهارة والحلية الواقعية ، وإن كان لبا وحقيقة يوجد هناك حكم ظاهري وراء الحكم الواقعي مجعول في هذا الدليل ، لكن ليس لسانه لسان جعل حكم مستقل ، بل لسانه لسان التعبّد في إحراز الطهارة الواقعية والحلية الواقعية ، ومثال ذلك أدلة حجية الإمارات ، فإن لسان دليل حجية البيّنة القائمة على طهارة الثوب ليس هو لسان جعل طهارة مستقلة لهذا الثوب وإن كان قد يكون هناك طهارة مجعولة مستقلة بحسب عالم اللب بناء على أن المجعول هو الحكم المماثل في باب الإمارات ولكن لسان الدليل ليس ذلك بل لسان الدليل لسان «صدّق العادل» والعادل ليس في مقام جعل طهارة أخرى في مقابل الطهارة الواقعية ، بل العادل تمام همّه الكشف عن نفس الطهارة الواقعية لا إيجاد طهارة أخرى في مقابلها ، فيكون مفاد دليل الحجية هو التعبّد بتلك الطهارة لكي يكون لسان دليل الحجية موازيا مع لسان الإمارة نفسها التي ثبتت حجيّتها بدليل الحجية إذن هناك لسانان في أدلة الحجية.
أ ـ اللسان الأول : هو لسان جعل شيء في مقابل الواقع من طهارة وحليّة بقطع النظر عن الواقع.
ب ـ اللسان الثاني : هو لسان التعبّد بأن هذا هو الواقع وأن الواقع موجود في المقام لا التعبد بشيء آخر زائدا عن الواقع.
وحينئذ يقال أنه بالنسبة إلى أدلة الأحكام الظاهرية التي يكون لسانها هو اللسان الأول أي لسان جعل الطهارة والحلية زائدا عن الطهارة الواقعية والحلية الواقعية ، هنا لو كانت الطهارة قد وقعت موضوعا لحكم شرعي وكان الكلام في الإجزاء وعدمه بلحاظ ذلك الحكم الشرعي كالحكم بصحة الصلاة ، حينئذ مقتضى القاعدة هو الإجزاء لأن دليل قاعدة الطهارة أوجد فردا آخر من الطهارة