إلى الواقع لا محالة ، وهذا هو معنى كون الحكومة ظاهرية في مقابل الحكومة الواقعية.
وحينئذ يقال بأن محل الكلام من القسم الثاني ، لأن دليل أصالة الطهارة مفاده حكم ظاهر فهو إذن في طول أدلة الأحكام الواقعية لأنه أخذ في موضوعه الشك في الواقع فيكون في طول الواقع ، وحينئذ يستحيل أن يكون مؤثرا في مفاد دليل الحكم الواقعي سعة وتضييقا ، بل تكون الحاكمية حاكمية ظاهرية مرجعها إلى مقام الجري والعمل.
وهذا الاعتراض لا يرد على صاحب الكفاية بعد أن نميّز في أدلة الأحكام الواقعية بين دليل ودليل.
وتوضيح ذلك ، أنه في مقابل دليل أصالة الطهارة ، «كل شيء نظيف حتى تعلم أنه قذر» ، يوجد عندنا دليلان واقعيان مفادهما الحكم الواقعي.
أ ـ الدليل الأول : هو دليل أن الثوب إذا أصابه البول يتنجس ، ومفاد هذا الدليل الذي هو الحكم بالنجاسة ينطبق على هذا الثوب المشكوك الذي أجرينا فيه أصالة الطهارة لأنه في علم الله قد أصيب هذا الثوب فهو مشمول لإطلاق الدليل القائل بأنه كلما أصاب البول الثوب تنجّس.
ب ـ الدليل الثاني : وهو دليل آخر على حكم واقعي آخر نسبته إلى الحكم الواقعي الأول نسبة الحكم إلى الموضوع كما في دليل صلّ في الطاهر وهو دليل وجوب الصلاة في الطاهر.
ومفاد هذا الدليل غير مفاد الدليل الأول ، لأن مفاد الدليل الأول نفي الطهارة وإثبات النجاسة ، بينما مفاد هذا الدليل هو عبارة عن الحكم بوجوب إيقاع الصلاة مع الطهارة ، إذن فنسبة مفاد الدليل الثاني إلى الأول نسبة الحكم إلى الموضوع. وحينئذ فلو فحصنا نسبة دليل اصالة الطهارة إلى هذين الدليلين نجد أن مفاد دليل اصالة الطهارة متأخر رتبة عن مفاد الدليل الأول من هذين الدليلين ، لأنه أخذ في موضوع أصالة الطهارة عدم العلم بالقذارة ، كل شيء