الاعتراض الثاني النقضي المتقدم ، إذ تقدم أن المحقق النائيني اعترض على صاحب الكفاية اعتراضا ثانيا نقضيا وكان حاصله ، أن دليل أصالة الطهارة نسبته إلى دليل شرطية الطهارة في الصلاة ودليل شرطية الطهارة في ماء الوضوء ودليل شرطية الملاقاة في طهارة الملاقي ، على حد واحد ، فإذا بنينا على الحاكمية الواقعية على الدليل الأول ، أي الالتزام بالحاكمية الواقعية على سائر هذه الأدلة فيلزم من ذلك ، الحكم بالإجزاء لو توضأ بالماء النجس بعد أن أجرى فيه أصالة الطهارة ثم انكشفت له نجاسته مع أنه لا يلتزم بذلك من قبل الفقهاء بما فيهم صاحب الكفاية وقد أجبنا سابقا بأنه يمكن لصاحب الكفاية أن يفرق بين الأدلة التي أخذ في موضوعها عنوان الطاهر ، والأدلة التي أخذ في موضوعها عنوان النجس ، فإن الطهارة والنجاسة ضدان وجوديان ، فكل دليل أخذ في موضوعه عنوان الطاهر حينئذ يقال بأن دليل أصالة الطهارة يكون حاكما عليه لأنه يقول بأن هذا طاهر فيوجد فردا من موضوعه ، وكل دليل أخذ في موضوعه عنوان النجس ، حينئذ دليل أصالة الطهارة لا يكون حاكما عليه ، لأن دليل أصالة الطهارة يحدث فردا من الطهارة ولا ينفي النجاسة الواقعية ، إذن فيكون هذا نجس واقعا ومن هنا لا يكون حاكما عليه ولأجل ذلك يمكن لصاحب الكفاية أن يقول. إن الدليل الذي أخذ في موضوعه عنوان الطاهر ، يكون دليل أصالة الطهارة حاكما عليه ، أمّا الدليل الذي أخذ في موضوعه عنوان النجس لا يكون حاكما عليه لأنه لا ينفي النجاسة الواقعية.
وهنا قد يرد إشكال على ما ذكرناه سابقا من أن دليل أصالة الطهارة وإن كان مفاده المطابقي هو الطهارة لكن مع هذا هو ينفي النجاسة.
وتوضيحه أن دليل أصالة الطهارة إمّا أن نقول بأن مدلوله هو الطهارة فقط ، وإمّا أن نقول بأن مدلوله الواقعي هو الطهارة ومدلوله الالتزامي العرفي هو التعبد بنفي النجاسة ، فإن قال صاحب الكفاية بالأول ، يعترض عليه بأنه كيف يصحح صاحب الكفاية الوضوء الذي أجرى في مائه قاعدة الطهارة مع أن