صدر الموثقة تنزيل ظاهري صوري وبلحاظ مقام الجري العملي.
واحتمال استظهار مدلول هذا الإطلاق كاف لسريان الإجمال إلى صدر الموثقة ، وبهذا يتبين أن هذا التقريب للإجزاء غير صحيح.
٢ ـ التقريب الثاني : لإجزاء الحكم الظاهري هو دعوى أن أدلة الحجية تتكفل جعل الأحكام الظاهرية بنحو السببية لا بنحو الطريقية الصرفة ، والسببية ذات معان يجمعها مطلب واحد ، وهو أن هذه الأعمال التي يؤتى بها على طبق الحكم الظاهري واجدة للملاك حتى لو كانت مخالفة للواقع وهذا بخلاف ما إذا قيل بالطريقية الصرفة ، فإنه إذا قلنا بأن حجية الإمارات والأصول بنحو الطريقية الصرفة والاستطراق إلى الواقع ، إذن من لم يصل إلى الواقع لا يحصّل شيئا أصلا لأنه لم يصل إلى ذي الطريق ، بينما إذا قيل بالسببية وأن هذه الأعمال الظاهرية ذات ملاكات وواجدة للملاكات ، حينئذ قد يقال بالإجزاء على أساس أنه قد استوفي الملاك ، ومع استيفاء الملاك الواقعي لا موجب للإعادة ولا القضاء.
وتحقيق الكلام بما يناسب هذه المسألة هو ، إن الاحتمالات بدوا في جعل الحجية في أدلة حجية الإمارات أو الأصول متعددة.
الاحتمال الأول :
هو القول بالسببية ، وهو ما يصطلح عليها أصحابنا بالسببية الأشعرية (١) ومفادها فرض أنه ليس لله تعالى أحكام واقعية محفوظة في المرتبة السابقة على ما تؤدي إليه الإمارة أو الأصل ، بل حكم الله تعالى يدور مدار مؤدّى هذه الإمارات والأصول والحجج ، وهذه أعلى مراتب السببية ، وهذه السببية بقطع النظر عن صحة نسبتها وعدمها إلى الأشعري ، فهي مساوقة مع الإجزاء والتصويب معا حيث تنكر أيّ حكم واقعي مجعول مسبّقا قبل مؤدى الإمارات والأصول ، وعليه لا مجال فيها عن الكلام حول إجزاء الحكم الظاهري عن
__________________
(١) مقالات الإسلاميين ـ الأشعري ـ ج ١ ص ٣٢٨.