امتثال الحكم الواقعي وعدم إجزائه ، لأن الحكم الظاهري على مقتضى الإمارات هو حكم الله الواقعي ، وعليه فلا معنى للكلام حول إجزاء أمر عن أمر إذ لا يوجد إلّا أمر واحد هو ما كان على طبق الإمارة والحجة.
الاحتمال الثاني :
وهو ما يعرف عند أصحابنا بالسببية المعتزلية ، ومفاد هذه السببية الإقرار بوجود إحكام واقعية مجعولة لله تعالى سابقة على قيام الإمارة والأصل ، لكن كل حكم واقعي سابق على قيام الإمارة هو مغيّا بعدم قيام الإمارة على خلافه ، فهو حكم واقعي ما لم تقم إمارة أو أصل على خلافه ولكن من حين قيام إمارة أو أصل على خلافه يسقط هذا الحكم الواقعي.
وهذه السببية هي أيضا تستلزم التصويب والإجزاء معا ، لوضوح أن معنى كون الحكم الواقعي مغيّا ، ارتفاع هذا الحكم الواقعي وإلغاؤه من حين وجود الغاية ، أي قيام الإمارة أو الأصل على الخلاف حيث لا يبقى حكم واقعي لله وراء حكم الإمارة أو الأصل ، وهذا هو معنى التصويب ، وهو مساوق للإجزاء حيث لا يبقى إلّا أمر واحد بعد قيام الإمارة أو الأصل ليقع الكلام في إجزاء أمر عن أمر.
الاحتمال الثالث :
وهو مباين للاحتمالين السابقين ، وحاصله الطريقية الصرفة في أدلة الأحكام الظاهرية وأدلة الحجج والإمارات والأصول ، وهو الاحتمال الذي حققناه ثبوتا واخترناه إثباتا في مبحث الجمع بين الأحكام الواقعية والظاهرية وحاصل هذا الاحتمال هو أن جعل الأحكام الظاهرية لم ينشأ إلّا بداعي الحفاظ على الملاكات الواقعية المتزاحمة في مرحلة الحفظ بالقدر الممكن مع مراعات الأهم فالأهم ومن هنا فليست الأحكام الظاهرية إلّا طرقا موصلة إلى الأحكام الواقعية ومجعولة بقصد حفظ ملاكات الأحكام الواقعية.
وبناء عليه فهذا يساوق عدم الإجزاء وعدم التصويب ، لوضوح أنه في