إطلاق «العالم» ، في قولك «لا يجب إكرام العالم» ، فإن إطلاق كلمة العالم مرجعه إلى السعة ، بحيث أن هذا العالم لا يفرق فيه بين أن يكون فقهيا أو نحويا أو غير ذلك.
وهناك نحو آخر من الإطلاق ، وهو الإطلاق الذي يقتضي الحمل على الفرد المعيّن ، لا السعة ، بل تعيين فرد بعينه من قبيل أن تقول ، «أعط هذا الكتاب للسيد» ، فينصرف إلى سيد البلد ، المعروف بالسيادة ، فهذا الإطلاق ليس إطلاقا في مقام التوسعة ، بل هو إطلاق يقتضي تعيين الفرد بعينه.
وحينئذ إن كان التعارض بين إطلاقين ، بحيث أن كلّا منهما يقتضي التوسعة ، وبينهما مادة اجتماع ومادة افتراق ، إذن هما عموم من وجه ، ولا مرجّح لأحدهما على الآخر ، من قبيل ما إذا ورد ، «أكرم العالم» ، وورد «لا تكرم الفاسق» ، وأمّا إذا كان أحد الإطلاقين يقتضي التوسعة ، والإطلاق الآخر يقتضي الحمل على فرد بعينه ، من قبيل ما إذا ورد ، «أكرم العالم» ، وورد «لا تكرم زيدا» ، وزيد متعدد ، فيوجد زيد العالم وزيد الجاهل ، لكن إطلاق زيد ينصرف إلى زيد العالم ، وحينئذ ، في مثله يعامل معاملة الخاص والعام ، لأن النتيجة العرفية المتحصلة من دليل ، «لا تكرم زيدا ، هي عبارة عن أن بعض أفراد العلماء لا يجب إكرامهم ، وهذا أخصّ من دليل «أكرم العالم».
ومقامنا من هذا القبيل ، فإن الإطلاق في قولك ، «أكرم الفقيه» ، ليس إطلاقا يقتضي التوسعة ، بحيث يثبت الوجوب والاستحباب معا ، بل يقتضي تعيين الوجوب في مقابل الاستحباب ، وحينئذ يرى العرف ، أن النتيجة المتحصّلة من هذا الإطلاق ، أخص من النتيجة المتحصّلة من دليل «لا يجب إكرام العالم».
إذن فليس كل إطلاقين هما متساويان ، بل إذا كانا من باب التوسعة فهما متساويان ، فيصيران عامين من وجه ، وأمّا إذا كان أحد الإطلاقين بابه باب التوسعة من قبيل «لا يجب إكرام العالم» ، والإطلاق الآخر بابه باب تعيين الفرد المراد نفيه من الإطلاق الأول ، ففي مثل ذلك يرى العرف أن إحدى