شرطها ، وقد يكون شرطها ممتنعا بالضرورة ، وبالتالي يكون جزاؤها ممتنعا بالضرورة.
إذن ، فقد يتفق ، أن الإنسان توجد فيه علة ، تتولد منها الإرادة بالضرورة ، فتكون المشيئة ضرورية وواجبة بالغير بالنسبة إليه ، وبالتالي يكون الجزاء واجبا أيضا بالغير ، وهو نفس الفعل ، وقد توجد عنده علة توجب امتناع الإرادة ، بحيث تكون الإرادة ممتنعة بالغير ، وبالتالي يكون الجزاء ممتنعا بالغير ، ولكن في كلا الحالين ، سواء كانت الإرادة واجبة بالغير ، وبالتالي يجب الجزاء ، أو كانت الإرادة ممتنعة بالغير وبالتالي يمتنع الجزاء ، ففي كلا الحالين ، القضية الشرطية صادقة ، ولكن يجب أن يريد في الحالة الأولى ، ويمتنع أن يريد في الثانية ، فالقضية الشرطية صادقة ، من دون فرق ، بين أن يكون وجوب الشرط المستتبع لوجوب الجزاء ، وجوبا بالغير ، كما هو الحال في حق الإنسان ، أو الامتناع بالغير كما هو الحال في حق الإنسان ، وبين أن يكون وجوبا بالذات ، وامتناعا بالذات ، كما يفترضون في حق الباري تعالى ، لأن صفاته واجبة بالذات لأنها عين ذاته ، فإرادة الإنسان هي واجبة بالغير أو ممتنعة بالغير ، ولكن إرادة الباري واجبة بالذات كإرادته بالعدل والإحسان ، وممتنعة بالذات كإرادته بالشر والطغيان ، إلّا أن وجوب الشرط ذاتا أو عرضا ، وامتناعه ذاتا أو عرضا ، لا ينافي صدق القضية الشرطية ، وروح الاختيار إنما هو بصدق القضية الشرطية ، فمتى ما صدقت القضية الشرطية «أنه لو أراد الفعل» ، يصدق الاختيار ، ومتى لم تصدق القضية الشرطية ، لا يصدق الاختيار ، كما هو الحال في حق المشلول والمرتعش ، فإنه لو أراد أن يوقف حركة يده لما أوقفها ، ولو لم يشأ الحركة لبقيت الحركة على حالها ، فالقضية كاذبة في حق المرتعش ، ولكنها صادقة في حق السليم ، ولا ينافي صدقها كون الشرط واجبا ، وبتبعه يكون الجزاء أيضا واجبا وضروريا ، أو كون الشرط ممتنعا ، وبتبعه يكون الجزاء أيضا ممتنعا ، إما بالذات كما في حق الباري ، أو بالعرض وبالغير كما في حق الإنسان.