إذن فالسلطنة ، بعد فرض وجودها ، لا بدّ من الالتزام ، بأنها تختلف عن الإمكان ، في أنها لا يحتاج صدور أحد الأمرين فيها إلى ضميمة ، وإلّا ، كان ذلك خلف كونها سلطنة.
وأما اشتراك السلطنة ، مع الوجوب بالعلة ، هو أنه ، كما أن الوجوب بالعلة ، يكفي لصدور الشيء بلا ضم ضميمة. فكذلك السلطنة تكفي لصدور الشيء من دون ضم ضميمة.
وأمّا جهة امتياز السلطنة ، عن الوجوب بالغير ، هي ، أن صدور الشيء من العلة الموجبة ضروري ، أمّا السلطنة ، فصدور الفعل أو الترك منها ليس ضروريا ، لأنه لو كان ضروريا ، لكان خلف السلطنة أيضا ، لأنه فرق بين «لا بد أن يفعل» «وله أن يفعل».
ومن هنا ينتزع العقل ، عنوان الاختيار (١) من السلطنة ، ولا ينتزعه. لا من الفعل الصادر من الوجوب بالعلة ، ولا من الفعل الصادر من محض الإمكان ، لو أمكنت الصدفة.
فالمطلوب في النقطة الثانية ، أنه ، لو وجدت سلطنة في العالم ، فهذه السلطنة ، مساوقة ، مع الاختيار ، وكلّ أفعالها ، تكون اختيارية ، وخارجة عن قانون ، «أن الشيء ما لم يجب لم يوجد» وليس هذا تخصيصا في القاعدة العقلية ، على النحو الذي بيّناه.
النقطة الثالثة
والكلام في هذه النقطة ، يدور حول ، أن هذه السلطنة ، موجودة في العالم ، أو غير موجودة؟.
وقد عرفنا في النقطة الثانية ، أنه ، لو وجد كائن له سلطنة ، فهو مختار ،
__________________
(١) المختار في الجبر والاختيار ، السيد الفاني ص ٨٥.