أمّا أن هذا ، فهل له وجود في العالم أو ليس له وجود؟. على نحو الموجبة الجزئية ، يمكن إقامة البرهان على وجوده ، وتعيّنه في القدرة الإلهية.
وهذا بحث خارج عن الكلام ، ولكن الكلام ، هو ، أن هذه السلطنة ، موجودة في الإنسان أيضا أو غير موجودة؟. إلى الآن كان الكلام فرضيا ، يرجع إلى قضية شرطية ، وهي أن الإنسان لو كان له سلطنة ، فهو مختار ، ولكن لا بدّ من الكلام ، في تشخيص صغرى المطلب ، وهي ، هل أن أفعال الإنسان تصدر بالسلطنة ، أو تصدر بالوجوب بالغير ، وهذا بحسب الحقيقة ، لا يمكن إقامة البرهان عليه ، وإنما لا بدّ من الرجوع فيه ، إمّا إلى الوجدان ، وإمّا إلى الشرع ، وذلك.
إمّا بأن نرجع إلى تقريب ، يقول ، بأننا نرى بالوجدان ، أنه ، بعد أن نصدّق بالفائدة من الحضور في المسجد ، ونشتاق إليه ونريده ، لا يوجد أحد يدفعنا إلى الحضور ، وإنما بإمكاننا بعد ذلك ، أن نفعل ، وبإمكاننا أن لا نفعل ، وهذه دعوى ، مرجعها إلى إدراك وجداني مباشر لهذه السلطنة ، وعهدتها ، على من يرى هذا الوجدان في نفسه ، فلا تكون القضية برهانية.
وإمّا بأن نرجع إلى تقريب آخر ، وهو ، بأن يقال ، بأن كثيرا ، ما يتفق للإنسان ، أن يختار أحد الفردين ، لا لمرجح فيه أصلا ، وإنّما لمرجح في الجامع ، من قبيل ، ما هو المعروف ، من اختيار أحد طريقي الهارب ، وأحد رغيفي الجائع ، فالجائع يمكن أن يشبعه هذا الرغيف ، ويمكن أن يشبعه ذاك الرغيف ، فلو كان قانون الوجوب بالعلة ، هو الذي يحكم الإنسان ، إذن ، لاستحال أن يصدر منه الأكل ، لا لهذا الرغيف ولا لذاك ، إذ لا يوجد مرجح لأحد الرغيفين على الآخر ، حيث لا مرجّح وجوبي ، لا لهذا ، ولا لذاك ، لكن لو كان الحاكم ، هو قانون السلطنة ، فالجائع يريد الجامع ، وهو مسلّط على تطبيقه ، على هذا الفرد ، أو على ذاك الفرد ، فيرجّح أحد المتساويين ، بلا مرجح ، وهذا البيان صحيح عند الفلاسفة الشكّاكين ، من أن الجائع ، سوف يأكل أحد الرغيفين ، لكن بمرجّح لا يعلمه ، وهذا المرجح ، موجود في عالم