بالجواز عقلا وبالامتناع عرفا ، ومن المعلوم ان العقل يحكم مستقلا بالجواز مع قطع النظر عن دلالة لفظ الأمر والنهي عليه لأنه يرى المجمع متعددا وان العرف يرى المجمع واحدا ، وبالجملة ان التفكيك بين حكم العقل والعرف دليل على أن لفظ الأمر والنهي يدل على الامتناع.
فاذا عيّن العرف مفهوم الأمر والنهي فيحكم بامتناع اجتماعهما فالعرف متبع في تعيين مفاهيم الفاظ العرب ومداليل كلمات أهل اللسان.
أجاب المصنف عن الوجه الأول : بان تعبيرهم في العنوان ، انما يكون لأجل استفادة الوجوب والحرمة غالبا من لفظ الأمر والنهي ، ولا يكون هذا لأجل الحصر والانحصار.
وعن الوجه الثاني : بان ذهاب البعض كالمقدس الاردبيلي قدسسره إلى الجواز عقلا والامتناع عرفا ، ليس هذا بمعنى دلالة لفظ الأمر والنهي على الامتناع حتى يكون من اكبر الشواهد على كون مسألتنا لفظية ، بل معنى هذا التفصيل ان الواحد المعنون بعنوانين اثنان ، بالنظر الدقيق العقلي وواحد بالنظر المسامحي العرفي.
فلهذا : يحكم العقل بجواز الاجتماع والعرف بامتناعه ، فكون مسألتنا لفظية مردود عند المصنف ، هذا مضافا إلى ان نظر العرف لا يكون حجة في موارد تطبيق المفاهيم على مصاديقها ، بل هو حجة في تعيين المفاهيم ، والحال ان العرف طبّق مفهوم الأمر وهو الوجوب ومفهوم النهي وهو الحرمة في المجمع وهو الصلاة في الدار المغصوبة.
قوله : وإلّا فلا يكون معنى محصلا للامتناع ...
أي وان لم يكن الامتناع العرفي بهذا المعنى المذكور فلا يكون معنى محصل للامتناع العرفي بعد حكم العقل بالجواز ، إذ الامتناع من الأحكام العقلية ، فاذا اجاز العقل اجتماعهما في الواحد فينبغي ان يجيزه العرف ايضا.
قوله : غاية الأمر ...