تكميل : ان التخيير يكون على اربعة اقسام :
الأول : التخيير الشرعي الظاهري ، مثل التخيير في تعارض الخبرين مع فقد المرجح أو مع وجوده ولكن لا يلزم العمل به ، كما هو مختار المصنّف قدسسره.
والثاني : التخيير الشرعي الواقعي ، كالتخيير في خصال الكفارة.
والثالث : التخيير العقلي الظاهري ، كالتخيير في احد الاصول العملية ، مثل دفن الميّت المنافق ، فاما أن يجري المكلّف أصالة البراءة من وجوب دفنه إذ هو لا يعلم ان دفنه واجب ، أم لا ، فالشك يكون في التكليف وهو مجرى البراءة ، واما ان يجري استصحاب عدم وجوب دفنه لأنه قبل موته لا يجب دفنه وبعد موته نشكّ في وجوبه وعدم وجوبه ، فالأصل بقاء عدم الوجوب ، واما ان يجري اصالة الاشتغال لدوران الأمر بين الوجوب وعدم الوجوب ، واما أن يجري اصالة التخيير لدوران الأمر بين الوجوب والحرمة ، أي وجوب دفن المنافق وحرمة دفنه.
الرابع : التخيير العقلي الواقعي ، كالتخيير بين الغريقين إذا تساوى المناط فيهما كانقاذ المؤمنين على التزاحم.
وفي ضوء هذا : ظهر ان التخيير في المتعارضين شرعي ، وهو عقلي في المتزاحمين المتساويين ، وان لم يحرز المناط في احد الحكمين ولم يعلم صدق احدهما وكذب الآخر فلا تعارض حينئذ في البين ، ويحتمل أن يكون المناط في كليهما معا احتمالا راجحا على احتمال عدم المناط في كليهما ، لأن وجود المناط في كليهما يكون من اجل مقتضي حجية الروايتين معا ، والحال ان كلا منهما حاك عن وجود المناط المقتضي للحكم. فالعقل يحرّك المكلف أن يعامل معاملة التزاحم بين المقتضيين على القول بالامتناع لاحتمال صدقهما معا ، ويعمل باقوى المناطين وان كان دليله اضعف سندا او دلالة ، فلا مجال حينئذ لملاحظة مرجحات الروايات اصلا كما لا يخفى ، بل لا بدّ ، بحكم العقل ، من أن يعمل بمرجحات المقتضيات المتزاحمات ، مثل كون احدهما مقطوع الأهمية في نظر الشارع المقدّس واقوى