وأما الفرق بين الاسم والعنوان فان الاسم عبارة عن المبدإ الذي له حظ ونصيب من الوجود في الخارج حقيقة كالقيام والقعود والمشي ونحوها من المبادئ المتأصلة ، وان كان القيام محتاجا من حيث التحقّق الخارجيّ إلى القائم ، والقعود إلى القاعد ، والمشي إلى الماشي ، كالاعراض التي تحتاج إلى المعروضات.
ويقال لهذا المبدإ المتأصل (المحمول بالضميمة). والمراد من العنوان هو المبدأ الاعتباري الذي ليس له حظ من الوجود في الخارج ، ويقال له (المحمول بالصميمة) «بالصاد المهملة» ، وذلك نحو الزوجية والملكية والحرية ونحوها. فالأمر الانتزاعي هو الأمر الذي لو لا انتزاعه تصورا واختراعه ذهنا لما كان بحذائه شيء خارجا ، أي ليس له ما يحاذيه في الخارج ، لان الغرض سواء كان مصلحة أم مفسدة لا يترتب على الاسماء من حيث هي هي ، ولا على الألفاظ المجردة عن المعاني ، ولا على العناوين الانتزاعية التي لا واقع موضوعيّ لها في الخارج ، بل يترتب على افعال المكلفين الصادرة عنهم فحسب ، وهذا هو سرّ تعلق الأحكام ، مثل الوجوب والحرمة ونحوهما ، بالأفعال لا بالاسماء ، أي اسماء الأفعال والالفاظ والعناوين الانتزاعية ، لأن اسم (التصرف في مال الغير بغير إذنه) هو (الغصب) ولأن (اسم التكبيرة والقراءة والركوع والسجود) ونحوها ، هو (الصلاة) وهكذا نحوهما.
هذا مضافا إلى كون الانتزاعيات غير المتأصلة غير موجودة في الخارج كي يترتب عليها الغرض ، والحال ان الأحكام تابعة للغرض من المصالح والمفاسد ، ولا تكون جزافا كما عليه العدلية والمعتزلة خلافا للاشاعرة.
فالنتيجة : لا يكون البعث نحو الاسم والعنوان ، ولا يكون الزجر عنهما ، وانما يؤخذ الاسم والعنوان في متعلق الأحكام من حيث كونه آلة للحاظ متعلقات الأحكام ، ومن حيث كونه عنوانا مشيرا إلى متعلقاتها بمقدار الغرض من المتعلقات وبمقدار الحاجة إلى متعلقات الأحكام. فالصلاة التي تؤخذ في لسان الدليل حال كون الحكم متعلقا بها ، كما في (أَقِيمُوا الصَّلاةَ) اشارة إلى افعال المكلفين التي تكون