جنسها القريب وفصلها القريب ، ولازم تعددهما ان يكون الواحد اثنين لتباين الماهيات من حيث هي هي ، لتباين الفصول المحصلة للماهيات ، فلا يمكن اجتماع اثنين منها في وجود واحد ، فلذا لا يصح حمل بعضها على بعض ، كما لا يصح حمل الحيوان الناهق على الحيوان الناطق ، فلا يصح ان نقول : ان الحيوان الناطق هو الحيوان الناهق أو هو الحيوان الصاهل ، فلكل موجود ماهية واحدة وحقيقة فاردة كما ان له وجودا واحدا وكونا فاردا.
فان قيل انه إذا كانت الماهيات متباينات فبأي دليل يحمل المشتق على الذات في قولك (زيد ضارب) و (عمرو شاعر)؟ والحال ان ماهية المشتق متباينة مع ماهية زيد وعمرو لتباين جنسهما وفصلهما ، لأن زيدا انسان وكل انسان حيوان ناطق فزيد حيوان ناطق ، ولأن الضارب ذات صدر عنه الضرب وكل ذات صدر عنه الضرب فهو ضارب ، فجنس زيد مثلا هو الحيوان وفصله هو الناطق ، كما ان جنس الضارب هو الذات وفصله هو ال (صدر عنه الضرب) ، والحال انها متباينات ، ويدل على تباينها عدم صحة حمل بعضها على بعض ، فلا يصح ان يقال ان الناطق صدر عنه الضرب.
قلنا ان المشتق عنوان لذات المعروض حاك عنها فيصح حمله عليها.
فبالنتيجة : يصح حمل كل عنوان على الذات المعنون ، كما ترى هذا في حمل الزوج على الأربعة والفرد على الثلاثة. فلا يحمل الضارب على زيد من حيث الماهية بل من حيث العنوان والحكاية ، فالمفهومان كمفهوم الصلاة والغصب المتصادقين على الكون في الدار المغصوبة ، الموجود بوجود واحد ، لا يكون كل واحد منهما ماهية وحقيقة ، أي لا تكون الماهيتان موجودتين ، والحال ان كل واحدة من الماهيتين بكون عين الموجود بوجود واحد في الخارج ، وليس الأمر كذلك ، بل تكون للموجود بوجود واحد ماهية واحدة وحقيقة فاردة ، كما أن كلّ كليّ الطبيعي يكون عين افراده في الخارج.