المذكورة ان تعدد العنوان كعنوان الصلاة ، وكعنوان الغصب ، لا ينفع في الجواز ، كما انه لا يجدي فيه تعلق الأحكام الشرعية بالطبائع لا الافراد ، إذ تعدد العنوان لا يوجب تعدد المعنون ، والحال ان الطبائع المقيدة بالوجود الخارجي بحيث يكون القيد خارجا والتقيّد داخلا تكون متعلقات الأحكام ، والحال ان الأمر والنهي تعلقا بالمعنون واقعا ، وتعلقهما بالعنوان نحو (صلّ) و (أَقِيمُوا الصَّلاةَ) و (لا تغصب) يكون لأجل كونه مشيرا إلى المعنون ، نظير قولك (اكرم هذا الجالس) فلا يكون العنوان من حيث هو هو متعلق الأحكام ، بل المتعلق هو المعنون الذي هو واحد ، جودا وذاتا وماهية ، فلا يجوز فيه اجتماع الوجوب والحرمة ، إذ ليس هذا إلا اجتماع الضدين في الشيء الواحد ، وهو محال عقلا ، فحال العناوين كحال العبارات الحاكية عن المعاني ، فصور العبارات فانية في المعاني ، فالمقصود هو المعاني لا العبارات.
وكذا العناوين الحاكية عن المعنونات لا تكون مقصودة ، بل المقصود هو المعنونات. فالعناوين كالعبارات والمعنونات كالمعاني ، إذ كما ان العبارات حاكية عن المعاني ، فكذا العناوين والاسماء حاكية عن المعنونات والمسميات ، فلا تكون العناوين بما هي هي ، أي على استقلالها وحيالها ، مقصودة كي يقال انها متعددة ، فلا مانع من أن يتعلق الأمر بعنوان كعنوان الصلاة ، ومن أن يتعلق النهي بعنوان وهو عنوان الغصب فلا اصطكاك في البين ، ولكن قد عرفت ان الأمر ليس كذلك.
في رد الاستدلال الآخر على الجواز
قوله : كما ظهر ممّا حققناه انه لا يكاد يجدي ايضا كون الفرد مقدّمة ...
كما اجاب المصنّف قدسسره عن الاستدلال الأول بأنّ معنى (أَقِيمُوا الصَّلاةَ) هو (كبّر واقرأ واركع وتشهّد وسلّم وكن في مكان وقم) ، ومعنى (لا تغصب) وهو لا تتصرّف بمال الغير بغير اذنه ، ولا تكن في الدار المغصوبة. فالأمر بالصلاة أمر بالكون كما أنه أمر بغيره من اجزائها ، والنهي عن الغصب نهي عن الكون في دار