ووجهه واضح ، وهو عدم انطباق المأمور به على المأتي به من غير فرق فيه بين أن يكون الواجب تعبديا أو توصليا.
الثالث : ان يكون النهي تنزيها ملازما للترخيص في متعلقه ، فهذا لا يوجب تقييد الطبيعة المأمور بها بغير الفرد المنهي عنه وبغير الحصة المنهي عنها ، كالنهي عن الصلاة في الحمام وفي المقابر والمرابض ونحوها ، فمعنى النهي التنزيهي جواز امتثال الأمر الواجب بالاتيان بالصلاة في الحمام. فمقتضى الجمع بين امتثال الأمر وبين النهي التنزيهي ان يكون تطبيق الطبيعي الواجب على هذه الحصة في نظر الشارع المقدس مرجوحا بالاضافة إلى تطبيقه على سائر الحصص ، مثلا ان الصلاة في الحمام مرجوحة في نظره عن الصلاة في المسجد أو الحرم أو المنزل ، فاذا علم ما ذكر فالصلاة في الحمام تكون مثل صوم يوم عاشوراء ويمكن ان يكون النهي في القسم الثاني من المكروهات بلحاظ ان الطبيعة المأمور بها مع قطع النظر عن مشخصات الافراد مشتملة على مصلحة ككونها معراجا وقربانا ، والحال انه لا شك في ان مشخصات افرادها مختلفة ، إذ بعضها ملائم للطبيعة المأمور بها كالصلاة في المنزل مثلا ، وبعضها مؤكّد قويّ مضافا إلى كونه ملائما ، كالصلاة في المسجد اول وقتها ، وبعضها مؤكد اقوى كالصلاة في المسجد جماعة أول الظهر مثلا ، وبعضها غير ملائم لها كالصلاة في الحمام ، فخصوصية المكان والزمان دخيلة في المصلحة.
وعليه فيكون النهي في القسم الثاني ارشادا إلى ان هذه الحصة تكون ذات منقصة ومشتملة على الخصوصية لغير الملاءمة ، فلا دخل له بمسألة اجتماع الأمر والنهي المولويين ، لأنه يجتمع في المقام النهي الارشادي والأمر المولوي ، وهو لا ينافيه كما سبق وجهه في القسم الأول من المكروهات. فلأجل اختلاف شخص الافراد من حيث تخصصها بالملاءمة المناسبة وبالملاءمة غير المناسبة يختلف ثواب العبادة ، لأنه ينقص تارة ويزيد اخرى. فالطبيعة المأمور بها في حد نفسها إذا كانت مع تشخص لا تكون مع هذا التشخص شدة الملاءمة ولا عدم الملاءمة ، بل