واما أن يلزم التكليف بما لا يطاق وبغير المقدور إذا قلنا ان تعدد العنوان يوجب تعدد المعنون لفرض عدم المندوحة في البين ، إذ التخلص منحصر بالخروج ، فاجتماع الضدين فيه غير لازم لتعدد الاعتبار والجهة كما سبق في طي احتجاج القول بجواز اجتماع الامر والنهي. فالتكليف بما لا يطاق ليس بمحال إذا كان مسببا عن سوء الاختيار. ويدلّ على عدم استحالة التكليف بما لا يطاق ، إذا كان بسبب سوء اختيار المكلف ، حكم الفقهاء (رض) بوجوب الحج على من زالت استطاعته بسوء اختياره بعد حصولها.
ولا يخفى ان وجوب الحج حين زوال الاستطاعة وبعد زوالها تكليف بما لا يطاق. وهذا الاستشهاد يتمّ إذا كان المراد من الاستطاعة الفائتة العقلية منها ، واما إذا كان المراد منها هو الشرعية فلا يتمّ هذا الاستشهاد. وجه فساد الاستدلال ما عرفت سابقا من لزوم التقييد عقلا ، لاستحالة اجتماع الضدين ، سواء تعدد عنوان المجمع أم اتحد فلا بدّ من تقييد احدهما بالأهم منهما ، فان كان الخروج اهم قيّد دليل حرمة الغصب بغير الخروج وان كان البقاء اهم قيّد دليل وجوب المقدمة بغير الغصب.
فعلى الأول يكون الخروج واجبا فقط. وعلى الثاني يكون حراما فقط.
ومن ان التكليف بما لا يطاق محال سواء كان مسببا عن سوء الاختيار ، أم لم يكن مسببا عن سوء الاختيار. نعم ، لو كان بسوء الاختيار لا يسقط العقاب ، إذ الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار كعقاب الكفار على الفروع وان امتنعوا بالاختيار عن قبولها بسقوط التكليف بالتحريم او الايجاب على حسب الموارد ، فالمكلف المضطر بالاختيار غير مخاطب فعلا ، ولكن هو معاقب عقابا.
فتحصّل مما علم سابقا : ان اجتماع الضدين في شيء واحد محال وان تعدد عنوانه ، فلا بد من تقييد الامر بالخروج عقلا أو من تقييد النهي عن الخروج ، وان الجهة هنا ليست بمتعدد ، إذ عنوان المقدمية ليس جهة وعنوانا لأنه جهة تعليلية لا تقييدية كما علم هذا في بحث المقدمة ، وان التكليف بما لا يطاق محال على كلّ