عبده باتيان انسان فأتى بزيد فقد حصل الغرض وحصل الامتثال فلا حاجة إلى الاتيان بعمرو مثلا. فالأمر المولوي متوجه إلى الصلاة في المكان المباح ، وهو يقتضي النهي عن ضده ، والنهي في العبادات يقتضي فساد المنهي عنه.
وفي ضوء هذا ، تكون الصلاة في الدار المغصوبة فاسدة ، لأن الصلاة في الدار المغصوبة ، وان كانت مصلحتها غالبة على ما فيها من المفسدة إلا انه لا شبهة في ان الصلاة في غير الدار المغصوبة ضد الصلاة في الدار المغصوبة مع كون الصلاة في غير الدار المغصوبة اهم من الصلاة في الدار المغصوبة لكونها خالية من المنقصة الناشئة من اجل اتحاد الصلاة في الدار المغصوبة مع الغصب المحرم.
فتلخّص مما سبق ان مصلحتها الغالبة على مفسدتها تقتضي صحتها في الدار المغصوبة ولكن لما كان أمر الصلاة في المكان المباح فعليا منجزا وهي ضدها ، والأمر بها يقتضي النهي عن الضد ، فلا محالة تبطل في سعة الوقت على الامتناع ، لاقتضاء الأمر بالشيء النهي عن ضده. والحال ان كل فرد من الصلاة متضادّ مع الفرد الآخر. فهذه الصلاة ليست بمأمور بها إذا كان الوقت موسعا وهي ممكنة في خارج الدار المغصوبة. وعلى طبيعة الحال فهي باطلة.
لكن قد عرفت في مبحث الضد أن الأمر بالشيء لا يقتضي النهي عن ضده ، لا لفظا ولا عقلا.
وعليه فالصلاة في الأرض المغصوبة في سعة الوقت صحيحة وان لم تكن مأمورا بها فعلا ، لأن الأمر بالشيء يقتضي عدم الأمر بضده ، خلافا للمشهور حيث ذهب إلى بطلانها في سعة الوقت وإلى صحتها في ضيق الوقت ، ولكن المصنّف اختار صحتها مطلقا ، لكون مصلحتها غالبة على مفسدتها ، فيقدم الغالب على المغلوب ، وبقي ملاكها ورجحانها الذي يكفي في صحتها وفي قصد التقرب بها إلى ساحة المولى عزّ اسمه.