الباقر عليهالسلام. فمصلحتها تكون اقوى من مفسدة الحرام. فاذا دار الأمر بين ترك احداها وبين ترك الحرام فلا ريب ان مراعاتها اقوى في نظر العقل من مفسدة الحرام.
وثانيها : لو سلمنا كلية هذه القاعدة ، ولكن هي اجنبية عن المقام وليس المقام من صغريات هذه الكبرى ، لانه على القول بالامتناع ووحدة المجمع وجودا وماهية فهو إما مشتمل على المصلحة دون المفسدة ، وإما مشتمل على المفسدة دون المصلحة. فاذا قلنا بتقديم الوجوب على الحرمة في المجمع فلا مفسدة فيه ، إذ لا حرمة فيه لسقوطها عن الفعلية.
وإذا قلنا بتقديم الحرمة على الوجوب فيه فلا مصلحة فيه ، إذ لا وجوب فيه لسقوطه عن الفعلية ، فليست في مورد الاجتماع مصلحة ومفسدة حتى يدور الأمر بين دفع المفسدة وبين جلب المصلحة ، فلا موضوع حينئذ لتلك القاعدة ، إذ موضوعها وموردها هو ما إذا دار أمر الفعل بين الواجب والحرام ، كصلاة الجمعة في عصر الغيبة ، فعند القائل بحرمتها فيها مفسدة ملزمة ، وعند القائل بوجوبها فيها مصلحة ملزمة ، ولا يتمكن المكلف من دفع الاولى وجلب الثانية معا في مقام الامتثال ، لأنه اما ان يفعلها فيجلب المصلحة ولا يدفع المفسدة ، واما ان يتركها فيدفع المفسدة ولا يجلب المصلحة.
وعلى طبيعة الحال : يقع التزاحم ، فيقال ان دفع المفسدة أولى من جلب المنفعة ، فهذه القاعدة ـ على فرض تماميتها ـ تتم في باب التزاحم ، فلا تتم في باب التعارض. وقد مرّ ان مسألة الاجتماع على القول بالامتناع من صغريات باب التعارض.
هذا مضافا إلى انه لا دليل على اعتبار هذه القاعدة لا من العقل ولا من الشرع ، بل يختلف الحال فيها. باختلاف الموارد ، فقد يقدم جانب المفسدة على جانب المصلحة ، وقد يقدم جانب المصلحة على جانب المفسدة ، فلا كلية فيها.