وثالثها : لو سلّمنا كل ما ذكر سابقا فلا يتم الاستدلال بها على المدعى ، لأن غاية ما يحصل من هذه القاعدة أولوية ظنيّة لا يعتمد عليها في الترجيح ، لأن المعتمد في الترجيح هو أولوية قطعية وهي لا تحصل منها.
ورابعها : لو سلم ان الظن بالأولوية يكفي في مقام الترجيح ، ولو لم يحصل القطع بها منها فالظن بالأولوية انما يجري في المورد الذي لا تجري فيه البراءة أو لا يجري فيه الاشتغال كما لا تجريان في دوران الأمر بين الوجوب والحرمة التعيينيين ، فانه لا مجال للبراءة فيه للعلم بالتكليف الالزامي إما فعلا وإما تركا إذ مجراها منحصر في صورة الشك في التكليف ، وفي صورة عدم البيان. ولا مجال فيها للاشتغال لتعذر الموافقة القطعية والمخالفة القطعية ، فلا أثر للاشتغال العقلي ، بل يحكم العقل بالتخيير بين الفعل والترك لعدم المرجح لأحدهما على الآخر ، اما إذا كان احدهما محتمل الأهمية والأولوية فيمكن الحكم بترجيحه على الآخر عقلا.
فبالنتيجة : تجري القاعدة المذكورة في هذا الدوران. أما في المسألة فلا تجري ، إذ لا يعلم بثبوت خصوص الحرمة في المجمع ، أو خصوص الوجوب فيه ، كي تجري فيها.
فالفرق بين المقام وبين الدوران المذكور انه في ذلك الدوران يعلم بثبوت احد الحكمين الالزاميين ، إما الحرمة وإما والوجوب ، ولكن الشك في الثابت منهما واقعا كدوران حكم صلاة الجمعة في عصر الغيبة بين الوجوب والحرمة ، ولكن قال اكثر الفقهاء بالأول ومنهم سيدنا الأعظم الاستاذ الخميني قدسسره ، وفي المقام لا يعلم بثبوت ذلك ، بل يحتمل ان يكون احد الوجوب والحرمة اقوى مقتضيا فيثبت ، وان يكونا متساويين من أجل الاقتضاء فيتساقطان معا لعدم المرجح في البين فحيث لم يعلم الالزام بالفعل أو الترك كان احتمال ثبوت الحرمة مجرى لاصالة البراءة ، فندفع بها الحرمة الفعلية ، ونحكم بصحة الصلاة في الأرض المغصوبة.