هذا الوصف متحد مع موصوفه خارجا ، وليس للوصف وجود مستقل بدون وجود موصوفه ، وعليه فلا يعقل ان يكون احدهما منهيا عنه والآخر مأمورا به ، لاستحالة كون شيء واحد مصداقا لهما معا ، فالنهي عن الجهر بالقراءة مثلا ، يكون نهيا عن القراءة الجهرية حقيقة ، أي عن الحصة الخاصة منها ، لانه لا وجود للجهر في الخارج بدون القراءة ، كما لا وجود للقراءة بدون الجهر أو الاخفات والخفت في الخارج.
وفي ضوء هذا فلا يعقل ان يكون الجهر بالقراءة منهيا عنه دون نفس القراءة ، لان القراءة الجهرية حصة خاصة من مطلق القراءة ، فالنهي عن الجهر بالقراءة نهي عن تلك الحصة. وفى طبيعة الحال ، ان النهي عن الجهر والخفت يرجع إلى النهي عن العبادة. غاية الامر ان القراءة لو كانت بنفسها عبادة لدخل ذلك في النهي عن العبادة وحكمه كحكمه. ولو كانت القراءة جزء للعبادة لدخل في النهي عن جزئها ، ولو كانت شرطا لها لدخل في النهي عن شرطها. وفي ضوء هذا ، فلا يكون هذا القسم نوعا آخر في قبال الاقسام المتقدمة ، بل يرجع إلى احدها وهذا واضح.
واما القسم الخامس : وهو النهي المتعلق بالوصف المفارق للموصوف فهو خارج عن مسألتنا هذه ، أي مسألة النهي عن العبادة ، وداخل في مسألة اجتماع الأمر والنهي.
والسر في ذلك ، ان هذا الوصف المفارق ان كان متحدا وجودا مع موصوفه في مورد الاجتماع فلا بد حينئذ من القول بالامتناع ، وفي هذه الصورة يدخل هذا القسم تحت كبرى مسألة النهي عن العبادة. وان كان غير متّحد معه وجودا وخارجا في مورد الالتقاء ، ولم نقل بسراية الحكم من احدهما إلى الآخر ، فلا مناص من القول بالجواز ، كما عرفت هذا المطلب في مسألة الاجتماع المتقدمة.
فبالنتيجة : لا يكون هذا داخلا في مسألتنا هذه ، كما لا يخفى.
هذا حال النهي المتعلق بالجزء أو الشرط أو الوصف ، بكلا قسميه الملازم