فتلخص مما ذكر أنّ عبادية السجود لا تتوقف على قصد القربة كي لا يمكن ايجاد السجود مع النهي ، اذ اتيانه بقصد عبادية ذاتية لا ينافي النهي ، فالنهي لا يدل على صحته.
الثاني : ما تكون عباديته موقوفة على قصد القربة ، والقصد المذكور يتوقف على الأمر العبادي كالصلاة والزكاة وامثالهما.
فالنهي عنها يوجب عدم كون المكلف قادرا على ايجادها عبادة ، اذ ايجادها عبادة يتوقف على قصد القربة ، وقصد القربة يتوقف على الأمر العبادي ، والأمر العبادي لا يجتمع مع النهي عنها عند الجميع ، اذ يلزم اجتماعهما في الشيء الواحد بعنوان واحد.
لكن عرفت في اول البحث ان المراد من العبادة هو العبادة الشأنية لا الفعلية ، ومن الواضح أن المكلف قادر على ايجادها مع النهي اذا قلنا باجتماع الأمر والنهي في الشيء الواحد ولو بعنوان واحد ، اذ لو قيل بالامتناع لكان النهي مانعا عن صحتها ، كما سبق في بحث اجتماع الأمر والنهي ، فلا تكون بما هي عبادة مقدورة للمكلف ، فيمتنع تعلق النهي بالعبادة غير المقدورة.
فان قيل : اذا امتنع تعلق النهي بالعبادة فكيف وقع النزاع في المسألة في المتعلق بالعبادة؟ أيدل على فسادها أم لا؟
قلنا : قد عرفت في اول العنوان المراد منها ، اذ المراد منها الشأنية ، بحيث اذا افترضنا تعلق الأمر بها فقد كان الامر بها عباديا لا يسقط إلّا بقصد القربة. فالأمر التقديري والعبادة التقديرية يجتمعان مع النهي ، ولا تجتمع العبادة الفعلية معه ، كما تقدم وجهه ، فلا نعيده فرارا من التكرار. فالنهي لا يدل على صحتها ، على القول بجواز الاجتماع ، واما على القول بالامتناع فيمتنع تعلق النهي بها.
وعلى طبيعة الحال ، فالنهي يدل على صحة المنهي عنه في القسمين من المعاملات اذا كان النهي عن التسبيب وعن مضمونه ومسببه ، ولا يدل عليها في