الذي اريد من اللفظ. فالمنطوق يطلق على كل معنى يفهم من اللفظ بالمطابقة أو بالقرينة العامة أو الخاصة ، نحو (رأيت أسدا) فانه يدل بالمطابقة على كون المرئي هو الحيوان المفترس ، نحو قوله تعالى : (وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً طَهُوراً)(١) ، وهو يدل على طهورية جميع المياه بالقرينة العامة وهي اطلاقه وعدم تقييده بزمان دون زمان ولا بكثرة دون قلة. ونحو (رأيت اسدا يرمي) يدل بالقرينة الخاصة على كون المرئي هو الرجل الشجاع.
وأما المفهوم فيطلق على كل معنى يفهم من اللفظ بالدلالة الالتزامية نظرا الى العلاقة اللزومية البينة بالمعنى الاخص او الاعم بين المفهوم والمنطوق نظير لفظ (حاتم) فيدل على الذات المعينة مطابقة ، وعلى جوده التزاما ، فتكون دلالة اللفظ على المنطوق اولا وبالذات وعلى المفهوم ثانيا وبالعرض ، وهذه الدلالة الثانوية مستندة الى خصوصية موجودة في القضية التي دلّت عليها بالمطابقة او بالاطلاق والقرينة العامة أو الخاصة. مثلا ، الدلالة اللفظية الشرطية على الانتفاء مستندة الى أساس دلالتها على كون الشرط عليه منحصرة لحكم الجزاء وضعا أو اطلاقا ، اذ معنى ادوات الشرط ك (ان) و (لو) الشرطيتين مثلا ، سببية الاول للثاني ومسببية الثاني عن الاول ، اذا قلنا ان (ضربت زيدا ضربته) فضرب المخاطب سبب وعلة لضرب المتكلم ، اذا انتفى السبب المنحصر فقد انتفى المسبب قهرا.
هذا الانتفاء عند الانتفاء مفهوم الجملة المذكورة ، فالمفهوم تابع لخصوصية المعنى المنطوقي سواء كان الدال عليها لفظا أم كان قرينة الحكمة ومقدماتها.
فالمراد من الخصوصية الثابتة في المعنى المنطوقي الذي تدل عليه هيئة الجملة الشرطية هو ترتب الجزاء على الشرط وكون الشرط سببا للجزاء ، فالحكم الانشائي المفهومي أو الإخباري من لوازم المعنى المنطوقي لاجل تلك الخصوصية
__________________
(١) سورة الفرقان آية ٤٨.