الاول : ان مقدمات الحكمة انما تجري في المواضع التي هي قابلة للاطلاق ، فجريانها فرع انعقاده ، ولكن لا ينعقد الاطلاق في معنى ادوات الشرط ، لانها حروف ، وكل حرف له معنى جزئيّ مقيّد ، لاحتياجه الى ضم ضميمة كلمة أخرى ، فيصير معناه جزئيا قهرا ، والجزئي لا يلائم الاطلاق ، فمعناه لا يتصف بالكلية لعدم استقلال الحرف بنفسه كي ينعقد الاطلاق فيه ، كما يظهر وجه هذا المطلب بالتأمل والدقة في معنى الحرف على مذاق المشهور من كون اللحاظ الآلي داخلا في معنى الحروف ، كما ان اللحاظ الاستقلالي داخل في معنى الاسماء ، اذ لو كان خارجا عن معناها لكان معناها كليا ينعقد فيه الاطلاق ، ويصح تقييده بالعلاقة اللزومية على العلة المنحصرة ، فيتبعها المفهوم ، كما لا يخفى.
والثاني : ان قياس إطلاق العلاقة اللزومية على إطلاق صيغة الامر في مقام البيان مع الفارق ، وهو باطل بإجماع الخاصة والعامة ، كما حقق هذا في علم الكلام. لأن الوجوب النفسي واجب على كل حال من احوال المكلف ، سواء كان حاضرا أم كان مسافرا ، سواء كان صحيحا أم كان مريضا ، وعلى تقدير سواء وجب شيء آخر على المكلف أم لم يجب عليه ، كالصلاة المكتوبة ، اما الوجوب الغيري فهو واجب اذا كان ذو المقدمة واجبا ، فهو واجب على تقدير دون تقدير ، ولهذا يقال : (اذا وجبت الصلاة فتوضأ) فوجوبه مقيّد بوجوب الغير ، وهذا واضح لا غبار عليه.
ولاجل هذا يستفاد هذا الوجوب من اطلاق الصيغة ومن مقدمات الحكمة ، فليس الوجوبان ـ النفسي والغيري ـ متساويين من حيث ان خطاب الوجوب النفسي يكون مطلقا ، وخطاب الوجوب الغيري يكون مقيدا بوجوب الغير وذي المقدمة ، كما علم هذا من مراجعة الفقه الشريف.
وأما العلاقة اللزومية بين العلة المنحصرة ومعلولها ، وبين العلة غير المنحصرة ومعلولها ، فمتساويان من حيث الخطاب ، إذ لا فرق من حيث الخطاب بين خطاب إن جاءك زيد فاكرمه ، اذا كان المجيء علّة منحصرة للاكرام ، وبين خطاب ان أرسل