فتلخص مما ذكرناه من ردّ أدلة اثبات المفهوم لها ، انه لم يقم دليل متين على وضع أدوات الشرط مثل : (إن) و (لو) الشرطيتين وغيرهما للخصوصية المستلزمة لانتفاء الجزاء عند انتفاء الشرط ، اذ هي وضعت لمطلق السببية واللزوم ، لا لخصوص السببية المنحصرة ، ولم تقم على العلة المنحصرة قرينة عامة ومقدمات الحكمة ، والانصراف من اطلاقها الى الفرد الكامل وهو الترتب ، اي ترتب الجزاء على الشرط على نحو الترتب على العلة المنحصرة ، منتف جدا.
أما قيام القرينة العامة أحيانا ، سواء كانت مقدمات الحكمة أم كانت غيرها كالانصراف ، فلا ينكر. مثلا : اذا أحرزنا أن المولى كان في بيان الشرط الذي هو علة منحصرة لتحقق الجزاء ، ولم يذكر الشرط الآخر في قباله ، فنحرز بوسيلة الاطلاق احرازا إنّيا انحصار علة الجزاء بهذا الشرط. وهذا الاطلاق يسمى بالاطلاق المقامي.
تتمة
الاطلاق على ثلاثة أنحاء :
الأول : هو الاطلاق اللفظي كإطلاق هيئة صيغة الأمر والنهي مثل : (أَقِيمُوا الصَّلاةَ) و (لا تشرب الخمر) من غير تقييد الهيئة بالمرّة والتكرار ، ومن غير تقييد الاقامة بالوجوب والاستحباب وغيرهما ، من الإباحة ، وكذا صيغة النهي ، نحرز منه كون المأمور به واجبا مرة واحدة ، إذ غيرها من التكرار يحتاج الى مزيد بيان. ونحرز منه أيضا كون الوجوب نفسيا أصليا تعيينيا ، اذ غيره من الغيري والتبعي والتخييري يحتاج الى تقييد وجوب ذي المقدمة والى ذكر العدل بكلمة (أو التخييرية).
الثاني : هو الاطلاق الأحوالي الثابت بمقدمات الحكمة وذلك نحو (أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا) اذ ثبت تحليل البيع بها في حال الرخص والغلاء ، كما ثبت تحليل جميع افراده بوسيلتها ، الا ما خرج بالدليل الخاص ، كالبيع الربوي مثلا. وكذا