خصوصية ذاتية محضة ومن الذاتيات تلك ، نظير انسانية الانسان ، وهي لا تتصف بوصف التخيير ، فكذلك شرطية الشرط لا تتصف به ، لأن انسانية الانسان لا تتخلف كي يقوم عدلها مقامها ، فكذا شرطية الشرط لا تتخلف حتى يقوم مقامها عدلها ورقيبها ، سواء كان الشرط واحدا أم كان متعددا ، فشرطية الشرط ، حين كونه واحدا ، دخلية في المشروط ، وهي دخيلة فيه حين كونه متعددا وليس الأمر كونها دخيلة فيه تخييريا اذا كان متعددا ، وكونها دخلية فيه تعيينيا اذا كان الشرط واحدا ، كي يكون اطلاقه مقتضيا للثاني ، كما قال به المتوهم ، بخلاف صفة الوجوب ، فان اطلاق الواجب بالاضافة الى نحو الوجوب يختلف ، فاطلاقه مثبت لنحو الواجب دون نحو الآخر منه ، اي اطلاقه في لسان الدليل مثبت للواجب التعييني دون التخييري ، اذ هو يحتاج الى بيان العدل والى كلمة (او) التخييرية ، في مقام الاثبات والجعل.
فان قيل : الشرط اذا كان متعددا يحتاج الى مزيد بيان والى كلمة (او) التخييرية نحو (إن جاءك زيد أو ارسل السلام اليك فأكرمه) فصار الشرط المتعدد كالواجب التخييري اثباتا ، والشرط الواحد كالواجب التعييني اثباتا.
قلنا : زيادة مئونة البيان انما يكون لبيان كون الشرط متعددا ثبوتا ، وليست لبيان تكميل نحو شرطية الشرط ولبيان تتميمها ، فاذا كان الشرط متعددا ثبوتا ، ولكن لم يبيّن المولى تعدد الشرط إثباتا ، فلم يكن مقصرا ومسامحا في عدم البيان. بخلاف الواجب التخييري ، فان الواجب اذا كان متعددا ثبوتا فلا بد للمولى من بيان العدل بوسيلة كلمة (أو) التخييرية اثباتا ، فلو لم يبيّنه لكان مقصّرا في عدم البيان ، فلا يمكن ان يتمسك باطلاق الشرط في لسان الدليل لكونه علة منحصرة للجزاء كي يستتبعها الانتفاء عند الانتفاء ، وهذا معنى المفهوم لها.
كما يمكن ان يستدل باطلاق الواجب لكون الواجب تعيينيا أصليا كما مرّ هذا مرارا ، فظهر ان نسبة الشرط الى الشرط لا تختلف سواء كان شرط آخر هناك