القائل بالمفهوم انشاء الحكم في الجزاء وبسبب شرط آخر ، فلو دل دليل على وجوب اكرام زيد بسبب ارسال السلام مثلا ، لكان هذا معارضا للمفهوم. والمنكر للمفهوم قائل بعدم دلالتها على انتفاء سنخ الحكم حتى لو دل دليل على وجوب الاكرام بسبب شرط آخر ، لصحّ هذا من حيث الانشاء.
واما انتفاء شخص الحكم المنشأ في القضية فليس بقابل للانكار عند الجميع ، كما علم آنفا في انشاء الوقف والوصية والنذر وشبهه ، من العهد واليمين إذا قال الواقف : (وقفت داري على اولادي الفقراء) أو (ان كانوا فقراء) أو قال (أوصيت داري لأولادي الفقراء) أو قال (لله عليّ ان احجّ مع ولدي العالم) فدلالة الجمل المذكورة على الانتفاء عند الانتفاء ليست من باب دلالتها على المفهوم ، أي مفهوم الوصف والشرط ، بل تكون دلالتها على الانتفاء عند الانتفاء من باب انتفاء شخص الحكم عقلا بسبب انتفاء موضوعه ، والمفهوم عبارة عن انتفاء سنخ الحكم وجنسه وطبيعته في الموارد التي يمكن فيها ثبوت سنخ الحكم في الجزاء عند ثبوت الشرط منطوقا حتى يمكن نفيه مفهوما ، وفي الامور المذكورة لا يمكن ثبوت سنخ الحكم كي يمكن نفيه بالمفهوم.
والسر في ذلك : إن قصد الواقف الوقف على خصوص الفقراء من أولاده فالوقف بالقصد المذكور يكون وقفا على خصوص الفقراء منهم ، وليس وقفا على غيرهم لا بهذا الوقف المشخص لانتفائه بانتفاء موضوعه ، ولا بالوقف المشخص الآخر لامتناع اجتماع وقفين على مال واحد. مثلا : الدار إذا صارت وقفا على الفقراء فهي لا تقبل أن تصير وقفا على غيرهم بانشاء آخر ، لتحقق التعارض بين (وقفت داري على أولادي الفقراء) مثلا ، وبين (وقفت داري على أولادي مطلقا).
فبالنتيجة : إذا انتفى الفقر منهم فقد انتفى الوقف بسبب انتفاء موضوعه ، ففي مورد الوقف لا يمكن ثبوته بانشاء آخر لغير الموقوف عليهم عند انتفاء الوصف أو الشرط. بان يقول الواقف بعد ذلك : (وقفت على أولادي مطلقا) ، أي وان كانوا اغنياء